كان لدى كل شخص يمتلك ذهباً فى محفظته الاستثمارية سبب للتفاؤل نهاية كل عام منذ عام 2001، إذ ارتفع سعر المعدن النفيس من 271 دولاراً للأوقية إلى 1،670 دولار للأوقية نهاية عام 2012، ما يعد سلسة مدهشة من المنحنى التصاعدى لأسعار الذهب.
ولكن 2013 كان العام الذى أخذت فيه أسعار الذهب اتجاهاً مغايراً، إذ جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن فلم تكن ظروف الاقتصاد الكلى فى مصلحة الذهب، بما فى ذلك التراجع المستمر فى معدلات التضخم وتحسن الاقتصاد العالمى والارتفاع الهائل فى أسعار الأسهم وأخيرا الإعلان عن الانخفاض التدريجى فى برنامج التحفيز النقدى الامريكي. كل ذلك جعل المستثمرين يهرعون إلى التخلص من السبائك المعدنية، فقد خسر المعدن الأصفر أكثر من ربع قيمته هذا العام، وسجل أول انخفاض له فى ثلاثة عشر عاماً، والخبر السيئ بالنسبة لمهووسى البريق الأصفر هو أنه من غير المرجح حدوث انتعاشة سريعة فى أسعار الذهب.
قال فيليب كلابويجك، العضو المنتدب لشركة المعادن النفيسة البصائر ومقرها هونج كونج، مع التطورات الاقتصادية التى لم تكن فى صالح الذهب فسوف نستمر فى مشاهدة المزيد من موجات البيع، ولكن أعتقد أنها لن تكون بالحجم الذى رأيناه هذا العام.
يتوقع كلابويجك أن يصل متوسط سعر الذهب فى عام 2014 إلى 1.170 دولار للأوقية أى أقل من سعره الحالى بنسبة %2.5.
ولدى محللين آخرين تشاؤم مماثل بشأن الذهب، فقد خفض بنك يو بى إس توقعاته لسعر الذهب فى 2 ديسمبر من 1.325 دولار إلى 1.200 دولار، كما يتوقع رئيس قسم تداول المعادن الثمينة فى أحد البنوك الاستثمارية بلندن أن سعر الذهب سيتراجع إلى 950 دولاراً للأوقية أوائل العام المقبل قبل أن يتعافى بشكل طفيف.
بحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز، فإن تراجع أسعار الذهب يعود إلى حد كبير إلى موجة البيع المكثف فى صناديق الاستثمار المتعاملة فى الذهب والتى قام بها المستثمرون الغربيون، فقد انخفضت فى المتوسط حيازات الذهب فى أكبر أربعة عشر صندوقاً استثمارياً، والتى وصلت فيها الحيازات إلى مستويات قياسية فى عام 2012، انخفضت بنسبة %31 فى عام 2013، ما يعد أول تراجع سنوى منذ أن بدأت تلك الصناديق التعامل فى الذهب منذ عقد مضي.
قال جايمس ستيل، محلل لدى بنك إتش إس بى سي، إن إقبال المستثمرين الغربيين على الذهب من المرجح أن يظل ضعيفا خلال عام 2014 بسبب تقليص الاحتياطى الفيدرالى الامريكى لبرنامج شراء السندات بقيمة 85 مليار دولار شهريا، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض أسعار الذهب.
والعامل الآخر الذى قد يتسبب فى انخفاض أسعار الذهب خلال عام 2014 هو الطلب على الذهب، سواء العملات الذهبية أو السبيكة أو المجوهرات، والذى يهيمن عليه بشكل متزايد البلدان الواقعة فى الشرق، فقد عانى السوق الهندى الذى يعد سوقا مهماً بالنسبة للذهب فى عام 2013 بفضل التعريفة الجديدة التى فرضتها الحكومة الهندية على واردات الذهب، الأمر الذى يزيد من احتمالية استمرار ضعف الطلب فى الهند.
تعتبر الصين البقعة المشرقة هذا العام، حيث ارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية بأكثر من الثلث فى التسعة أشهر الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة ذاتها عام 2012، وذلك وفقا لمجلس الذهب العالمي.
ولم تكن التوقعات بشأن أسعار الذهب على المدى الطويل أكثر إشراقا، إذ توقع بنك «يو بى إس» أن تظل أسعار المعدن الأصفر عند مستواها الحالى أو أقل خلال السنوات القليلة المقبلة لتصل إلى 1.210 بحلول عام 2017.
صرح البنك بأن التحديات التى يواجهها الذهب لا تكمن فقط فى البيع المكثف بين المستثمرين فى الوقت الحالى، ولكن مع المحفزات الايجابية المحدودة فى المستقبل فمن غير المرجح أن يستعيد الذهب جاذبيته السابقة.
ورغم أن الذهب يعد ملاذاً للمستثمرين فى أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن أسعاره كانت أقل استجابة لجميع الاضطرابات التى شهدها عام 2013، وهذا لا يعنى أن نقول: إن أسعار الذهب لن ترتفع إذا حدث شىء غير متوقع مثل تباطؤ الاقتصاد الأمريكى أو انخفاض حاد لأسعار الأسهم وارتفاع معدلات التضخم.