قد يكون المستثمرون الهنود متشائمين حيال اقتصادهم المحلى، بعد التباطؤ الحاد الذى أصاب نموهم حتى بلغ أقل من %5 سنوياً، ولكن يبدو أنهم لم يفقدوا شيئاً من حماسهم بالنسبة لأسواق أفريقيا الناشئة عبر المحيط الهندي.
وأفاد مؤخراً تقرير، بعنوان «تكاتف الأيدى لتحرير إمكانات أفريقيا: نهج جديد بقيادة الصناعة الهندية حيال أفريقيا» قام به معهد ماكينزى للأبحاث، أن الشركات الهندية ينبغى أن تكون قادرة على مضاعفة عائداتها إلى أربعة أضعاف من أفريقيا لتصل إلى 160 مليار دولار بحلول عام 2025 من خلال التركيز على خدمات تكنولوجيا المعلومات والزراعة والبنية التحتية والصناعات الدوائية والسلع الاستهلاكية.
ويخلص التقرير إلى أن الهند بإمكانها أن تتطلع إلى السيطرة على ما يقرب من %7 من سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات، و%5 من مجال السلع الاستهلاكية سريعة الدوران، و%10 من قطاع الطاقة ومن %2 إلى %5 من الخدمات الزراعية.
ومن حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى أفريقيا، احتلت الهند المرتبة السادسة، فى الفترة ما بين 2003 و2012، بعد باقى دول العالم والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، وجاءت الصين فى ذيل القائمة، ولكن معهد ماكينزى أشار إلى أن تلك المرتبة تعود إلى أن استثمارات الصين غالباً ما يتم توجيهها من خلال البلدان الأخري.
وتعتبر الهند مستثمراً رئيسياً، على وجه الخصوص، فى مجالات الاتصالات والرعاية الصحية والصناعات الزراعية فى أفريقيا، وقال اناند شارما، وزير التجارة والصناعة الهندي، إن الهند قد استثمرت 10 مليارات دولار فى البنية التحتية ومشاريع التنمية فى أفريقيا منذ عام 2008، مما يشير إلى أن قيمة الاستثمارات الأجنبية للهند فى أفريقيا التى تبلغ 6.4 مليار دولار، تلك القيمة التى جعلت الهند تحتل المرتبة السادسة فى البيانات التى أصدرها معهد ماكينزي، من المرجح أن تستمر فى الازدياد.
علاوة على ذلك، فقد تضاعفت نسبة تجارة الهند مع أفريقيا إلى %6 فى الفترة ما بين 2000 و2013، تلك الفترة التى تراجعت فيها نسبة تجارة أوروبا مع القارة الأفريقية من %47 إلى %33. وشكلت التجارة الصينية الأفريقية التى بلغت قيمتها 211 مليار دولار العام الماضى أكبر علاقة تجارية للقارة مع بلد واحد، وأفاد تقرير معهد ماكينزى إن إجمالى قيمة التجارة الثنائية مع الهند، البالغ 93 مليار دولار، لم يكن بالبعيد عن إجمالى قيمة التجارة الثنائية مع أمريكا الشمالية، الذى بلغ 117 مليار دولار، كما أنها أعلى بكثير من إجمالى قيمة التجارة الثنائية مع أمريكا اللاتينية.
ولدى مجموعات الشركات الهندية الكبرى مثل «جودريج»، التى تسوق أربع ماركات تجارية لمنتجات الشعر فى أفريقيا، وشركة «تاتا»، مجموعة واسعة من الأنشطة بما فى ذلك توليد الطاقة فى مختلف الأسواق الأفريقية، ولا يوجد أى إشارة على تباطؤ تلك الأنشطة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات الهندية والشركات الأجنبية التى تقوم بالتصنيع فى الهند، بما فى ذلك شركة «جى سى بى» البريطانية لتصنيع المعدات الثقيلة، ومصنع السيارات «ماروتى سيزوكى»، تصدر إلى أفريقيا من مصانعها الهندية.
وترى البنوك مثل باركليز، التى تسعى وراء الربح من التدفقات الاستثمارية والتجارية الآخذة فى الازدياد بين الهند وأفريقيا، أن العملية التجارية بين البلدين قد بدأت لتوها.
ويقول تيمى اوفونج، لدى بنك باركليز، إن العلاقة بين الهند وأفريقيا علاقة طويلة وعميقة، فالاهتمام بالقارة الأفريقية لا يضعف ولكنه آخذ فى الازدياد، وبالنسبة لى، فأفريقيا ليست حكاية خمس سنوات، ولكن العلاقة بين البلدين سوف تصبح أكثر توطيداً على مدار العشرين أو الثلاثين عاماً القادمة.