بقلم: محمد العريان
لا أنباء عن تحركات فى السوق، ولا إشارات اقتصادية مهمة، هذا ما اختتم به المتداولون جلساتهم الصباحية بعد نهاية أسبوع ملىء باجتماعات سياسية وبيانات رسمية وتعليقات من وسائل الإعلام التى حضرت ختام اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
كما سجلت الاجتماعات فرصة ضائعة أخرى لقيادة مستنيرة وقوية فى وقت يحتاج فيه الاقتصاد العالمى بشدة لتوجيه أفضل.
ورغم وجود قائمة بالأعمال السياسية المطلوبة والتى تتضمن تعزيز النمو الاقتصادى العالمي، والعودة إلى مزيج سياسى أكثر توازناً، فلا عجب عندما يمر اجتماع آخر رفيع المستوى لساسة من حول العالم دون أن يأتى بشىء ذى قيمة.
وتشعر مجموعة الثمانى بالشلل بسبب مأزق ضم روسيا لإقليم القرم، ولايزال على العقوبات المفروضة من قبل الغرب أن تعمل كرادع لروسيا، وفى نفس الوقت تزداد قيمة الفاتورة المالية لانقاذ أوكرانيا على الغرب يوما بعد يوم.
هذا فضلا عن الأموال الأكبر المطلوبة لوضع أوكرانيا مرة أخرى على مسار النمو القوى ومساعدتها على تدعيم الاستقرار الاجتماعى السياسى.
أما مجموعة العشرين فمازالت بعيدة كل البعد عن التوصل لإجماع – حتى وإن كان ضعيفا – بشأن أفضل توزيع للمسئوليات السياسة الضرورية لإعادة التوازن المطلوب بشدة للاقتصاد العالمي.
وكما أوضحت المشادات العلنية غير المعتادة يوم الخميس الماضى فى معهد «بروكينجز» بين رئيس الاحتياطى الفيدرالى السابق، بن برنانكي، ومحافظ البنك المركزى الهندي، راجورام راجان، أنه لا يوجد حتى اتفاق مشترك بين كبار الاقتصاديين بشأن فاعلية السياسات السابقة وآثارها الممتدة «وانتقد راجان التيسير الكمى وما يعتبره تدخلاً أمريكياً مفرطاً فى الفيدرالى، مما دفع برنانكى لتوبيخ راجان باعتباره ناكر لاحتمالات النمو الناتجة عن «السياسة النقدية غير التقليدية».
ونظريا، تظل الولايات المتحدة ذات أفضل وضع بين الدول الكبرى يخولها لقيادة مجهودات مثمرة لتحقيق إجماع، وقد أظهرت بيانات صندوق النقد الدولى وتوقعاته التى نشرت قبيل الاجتماعات أن الاقتصاد الأمريكى يواصل التعافى ويتحسن زخمه تدريجيا، كما أنه يعمل كقاطرة قوية تسحب الاقتصاد العالمى للأمام.
كما أنها حققت تقدما أكبر من غيرها فى إعادة تأهيل ميزانياتها العامة والخاصة، كما أنها الأقل تعرضا للمخاطر الجغرافية السياسية.
ومع ذلك فقد تأثر موقف الولايات المتحدة ومصداقيتها سلبا بعد رفض الكونجرس مرة أخرى التوقيع على مجموعة من الإصلاحات وافقت عليها تقريبا كل دولة من دول العالم، لدرجة أن هناك بعض التوقعات – غير الواقعية تماما – بأن الإصلاحات سوف يتم تنفيذها دون مشاركة الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن اصلاحات صندوق النقد الدولى المقترحة لا تتضمن تمويلاً إضافياً من الولايات المتحدة أو تخفيفاً لسلطتها داخل المؤسسة، ولكن السياسة الداخلية شديدة الاستقطاب فى الولايات المتحدة وبالطبع الكونجرس غير الفعال تجد طريقة أخرى لتعقيد الموقف الاقتصادى بشكل غير ضروري.
وكل ذلك يترجم إلى المزيد من أمثال تلك المشكلات: فالاقتصاد العالمى ينمو ولكنه يبقى مختلاً ويفشل فى تحقيق السرعة المطلوبة للهروب من الضعف، والحوكمة الاقتصادية العالمية الهشة تحول دون التنسيق السياسى المطلوب بشدة، كما أن الأسواق المالية مازالت معتمدة على الدعم المتواصل من سياسات البنوك المركزية التجريبية، ولا أحد يعرف التداعيات طويلة المدى لهذه المشكلات. وعندما يعود هؤلاء الساسة من حول العالم إلى أوطانهم قد يشعرون برغبة فى تهدئة مثل هذه الاحباطات والمخاطر بفكرة مريحة وهى عدم وجود خطأ سياسى كبير أو حادثة ضخمة فى السوق.
ولن تتغير التحديات السياسية العالمية المحورية كثيرا فى الفترة ما بين اجتماعهم فى نهاية الأسبوع الماضى وعندما يجتمعون جميعا مرة أخرى الخريف القادم.
ولكن للأسف بحلول هذا الوقت، ستكون الحلول صعبة بقدر صعوبة قدرة صناع السياسة على تحقيق توازن سياسى.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة بلومبرج