نمو الاقتصادات الآسيوية سيتراجع إلى ٪5.8 العام المقبل بدلاً من ٪9.2 فى 2010
يتساءل جوش نوبل فى مقال له بصحيفة الفاينانشيال تايمز هل ستتمكن آسيا من التغلب على إدمانها للديون، ويقول نوبل إن هذا هو السؤال الذى يراود أذهان الجميع فى المنطقة جراء تباطؤ الاقتصادات وارتفاع تكلفة الاقتراض، فبعد أكثر من عقد من النمو فائق السرعة، يخشى العديد من أن الحقبة الذهبية فى آسيا تقترب من نهايتها.
وقد كانت المعجزة الاقتصادية فى آسيا، مع كون الصين جوهر تلك المعجزة، القوة المحركة للمنطقة وباقى دول العالم، إذ نجحت فى خفض نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من 2 دولار يوميا إلى النصف على مدار العقد الماضي، وأفادت بيانات بنك التنمية الآسيوى أن متوسط الدخل تضاعف فى ماليزيا وتايلاند، كما ارتفع إلى أكثر من خمسة أضعافه فى الصين وإندونيسيا.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول صندوق النقد الدولى إنه منذ أن انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية فى عام 2002، ارتفعت حصة دول آسيا الناشئة من الناتج المحلى الإجمالى العالمى من %11 إلى %21.
وحتى خلال الأزمة المالية، ازدادت قوة اقتصاد آسيا على خلفية حزمة التحفيز الضخمة فى الصين، وتكاليف الاقتراض المنخفضة القياسية بسبب خفض البنوك المركزية فى أنحاء العالم لأسعار الفائدة، وقد عززت تلك الإجراءات الطلب على الصادرات الآسيوية، والأهم من ذلك أنها ساعدت الشركات والمستهلكين على زيادة النمو المحلى مع الائتمان الميسر.
وبينما كتب العديد عن إدمان الديون فى الصين، فإن التجربة لم تكن بالبعيدة داخل دول آسيا، حيث ارتفعت مستويات الائتمان ارتفاعاً شديداً منذ عام 2008 فى هونج كونج وسنغافورة وتايلاند وماليزيا، فى حين وصلت ديون الأسر المرتفعة بالفعل فى كوريا الجنوبية وتايوان إلى مستويات أعلى.
وربما لم يكن هذا الأمر مصدرا للقلق خلال أوقات تسارع النمو، ولكن الآن نجد أن العديد من الدول الآسيوية متعثرة، وقد ارتفعت كثافة الائتمان ارتفاعاً مفاجئاً فى حين انخفض نمو الإنتاجية، ويبدو أن قطار الديون يخرج سريعاً عن مساره إذ يستعد العالم لأسعار فائدة أعلى.
ويقول فريد نيومان، خبير اقتصادى لدى «إتش إس بى سى»، لا توجد مشكلة فى ارتفاع الدين إلى نمو الناتج المحلى الإجمالى، وليس من الضرورى خفضه طالما أنه باستطاعتك العودة إلى نمو الإنتاجية، فالمشكلة الكبرى التى تواجه آسيا هى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المكروهة سياسياً قبل حدوث أزمة بالفعل.
كما أن المحرك التقليدى للصادرات فى آسيا توقف عن العمل، ويعود ذلك جزئيا إلى التكاليف الآخذ فى الارتفاع داخليا والتغييرات التى طرأت على طريقة استهلاك الاقتصادات المتقدمة، ويقول بنك «إتش إس بى سى» إن الصادرات إلى الولايات المتحدة ومنطقة اليورو تراجعت من %14 من الناتج المحلى الإجمالى لآسيا فى عام 2005 إلى ما يزيد قليلا على نصف هذه النسبة الآن.
وتتوقع مجموعة «دايوا» أنه دون دعم الصادرات، ستنمو الاقتصادات الآسيوية، عدا اليابان، بنسبة %5.8 العام المقبل، أى بتراجع عن %9.2 عام 2010، إذ يبدو أن عصر نمو آسيا بمعدلات تزيد تقريباً على %10 قد ولى.
ويقول دونكان وولدريدج، كبير خبراء الاقتصاد لدى «يو بى إس»، تواجه المنطقة الآن نسختها الخاصة من الركود، بحيث تستمر الاقتصادات فى التوسع ولكن بمعدلات أقل بكثير من متوسط نموها التاريخي.
وأضاف وولدريدج أن اتجاه النمو هذا لا يمكن تغييره إلا من خلال إصلاحات عميقة بعيدة المنال، وهذا نادرا ما يحدث دون اندلاع أزمة مالية.
وسوف يكون البحث عن نموذج اقتصادى جديد بمثابة تحدٍ لصانعى السياسة وقادة الأعمال، ويقول بروس كاسمان، كبير خبراء الاقتصاد لدى «جى بى مورجان»، إن النقطة الأساسية هنا أننا لن نكرر معدلات النمو التى حققناها خلال العقد الماضي، ولدينا نموذج للإصلاح يهدف إلى إيقاف الاقتصادات عن انتهاج نموذج كان يعتمد كثيراً على الائتمان، ونجاح أو فشل هذا الإصلاح سيقول الكثير عما إذا كنا وجدنا التوازن مع نمو ليس قوياً مثل ذى قبل، ولكنه مازال صلباً جداً وإيجابياً بالنسبة للاقتصاد العالمى.