تشهد مصر حاليا جدلا كبيرا حول قانون أعدته الحكومة يمنح رئيس الجمهورية سلطة إصدار قرار بتسليم المتهمين والمحكوم عليهم الأجانب إلى دولهم إذا طلبت ذلك.
القانون أثار اعتراضات السياسيين والقانونيين حيث اعتبروه يخل بالسيادة المصرية، بينما لاقى تأييدا من جانب خبراء الأمن الذين رأوا فيه مدخلا جديدا لعقد صفقات تدعم مقتضيات الأمن القومي المصري.
تفاصيل القانون الذي أعده قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار مجدي العجاتي، ينص على أن يصدر رئيس الجمهورية قرار التسليم بناء على مذكرة يعرضها النائب العام بشأن المتهم أو المحكوم عليه اﻷجنبي، وبعد موافقة مجلس الوزراء، دون إخلال بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
ويأتي النص “على ضرورة موافقة مجلس الوزراء” تفعيلا ﻻختصاص المجلس دستوريا في الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة، وحماية المصالح العليا واﻷمن القومي.
وﻻ ينص المشروع على إمكانية تسليم مصريين متهمين أو محكوم عليهم إلى دول أجنبية، كما ﻻ يسري أيضا على اللاجئين السياسيين.
وجاء نص القانون كالآتي “مع عدم الإخلال بأحكام القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتسليم المجرمين ونقل المحكوم عليهم النافذة في مصر، يجوز لقانون الجمهورية بناء على عرض النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء على تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة المقضي بها بحسب الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك.
الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، أكد أن القانون بمثابة آلية لتنفيذ اتفاقيات القانون الدولي بشأن التسليم والتسلم، ويطبق على الأجانب الذين ارتكبوا جرائم في بلادهم، أو صدرت ضدهم أحكام ثم هربوا أو جاؤوا إلى مصر ولا يطبق على الأجانب الذين ارتكبوا جرائم في مصر.
وأشار إلى أن القانون اشترط اطلاع النائب العام على مذكرة من الرئيس بشأن تسليم المتهمين، لأنه (أي النائب العام) يقدر ما إذا كانت هناك جريمة أم لا.
محمد أنور عصمت السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أكد أن القانون يعد تدخلا لسلطة رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، كما يمنح الحق في ارتكاب الجرائم والهروب من العدالة إذا كان المتهم أجنبيا وتضامنت معه دولته الأصلية.
وطالب السادات الرئيس السيسي بالاعتدال في استخدام سلطة التشريع، مؤكدا أن هناك الكثير من القوانين لا تتوافر فيها حالة الضرورة التي ينص عليها الدستور.
ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، يرفض القانون رفضا قاطعا، ويؤكد أنه يعد اعتداء على السيادة المصرية، ويشكل مخالفة دستورية خطيرة، ويجعل مصر دولة مستباحة لكل مخابرات دول العالم.
ويضيف أن الدول الأجنبية قد تمارس ضغوطا على الرئيس للإفراج عن عملائها وجواسيسها، مستغلة وجود مثل القانون، وقد تلجأ لممارسة جرائم تمس مصالح البلاد العليا، وتضر باقتصادها أو مواطنيها ضررا بالغا، وهي تعلم تماما أنها وكل من ساعدها على ارتكاب هذه الجرائم قد لا تطاله يد العدالة بسبب هذا القانون.
على الجانب الآخر، أعرب الخبير الأمني، خالد عكاشة، عن تأييده للقانون، وقال إنه يسمح للرئيس ولا يجبره على الإفراج عن المتهمين الأجانب، لكنه سيتيح كثيرا من مرونة الحركة للدولة كي تعقد صفقات مع دول أخرى وفقا لما تراه من مقتضيات تدعم الأمن القومي المصري.
وقال إن القانون قد يستخدم مثلا لتبادل مجرمين، وقد يستخدم لدعم التحركات الخارجية المصرية أمنيا ودبلوماسيا، كأن يتم الإفراج عن بعض المصريين في الخارج مقابل تسليم هؤلاء المجرمين أو يتم تسليمهم مقابل إنهاء صفقات يراها الرئيس مهمة للاعتبارات الوطنية ومصلحة الدولة العليا، مشيرا إلى أن الرئيس يدرك تماما مقتضيات هذه الاعتبارات ولن يستخدم القانون في وسائل تضر بأمن بلاده.
العربية