قدر خبراء البيئة حجم إنفاق الدول المستخدمة للفحم ما بين 10 إلى 50 مليون يورو سنوياً لمعالجة الملوثات الناتجة عن حرق الفحم واستخدامه فى الصناعة فى الوقت الذى حددت وزارة البيئة 100 مليون جنيه حد أقصى على المخالفين.
ورغم قرار مجلس الوزراء المؤيد لاستيراد واستخدام الفحم فى الصناعات المصرية، فقد تفجرت العديد من الاتهامات ضد القائمين على هذا الملف من المعارضين سواء كانوا من منظمات المجتمع المدنى، أو الحملات المناهضة لاستخدام الفحم وحتى الأفراد.
فبينما أكد البعض أن موافقة الحكومة على دخول الفحم فى الصناعة كمصدر طاقة، تعد خضوعاً لأولويات المصانع وأصحاب المصالح دون أخذ صحة المواطن فى الاعتبار، لكن رد وزارة البيئة حمل المعايير والضوابط التى تقنن استخدام الفحم فى الصناعات.
من جانبه، قال اللواء أسامة سلام، نائب وزير البيئة، إن مصر تحتاج إلى تنفيذ قرارات حاسمة. وهناك العديد من المشاكل فى توفير مصادر الطاقة البترولية من الغاز والمازوت والسولار. ولابد من ايجاد حلول وبدائل جديدة للطاقة أهمها استيراد واستخدام الفحم فى عملية «مزيج الطاقة».
وأكد أن حرق الفحم داخل مصانع الأسمنت لن ينتج عنه أى اضرار بيئية على صحة المواطنين حال تطبيق جميع الضوابط والاشتراطات البيئية، مشيراً إلى أن دور الوزارة لا يقتصر على عملية وضع الضوابط والمعايير فقط.. بل ستقوم بقياس الانبعاثات الناتجة عن حرق الفحم داخل المصانع بصفة مستمرة. وأكد أنه حال وجود أى مخالفات من قبل المصانع، ستكون هناك عقوبات رادعة بشقيها سواء الجنائى من خلال اغلاق المصانع أو الحبس، أو المادى من خلال دفع غرامات مالية تتراوح ما بين 10 و100 مليون دولار، حيث تتحدد وفقاً للأضرار البيئية الناتجة عن المخالفة.
وأوضح سلام أن استخدام الفحم فى صناعة الأسمنت، سيوفر ما يقرب من 400 مليون قدم مكعب غاز يومياً من استهلاك مصانع الأسمنت.
أشار إلى أن وزارة البيئة هى المسئولة عن تحديد ضريبة استخدم الفحم وسيتم اعتمادها من وزارة المالية، مؤكداً أنه لن تكون هناك رؤية مسبقة للوزارة فى الاعتماد على دولة معينة لاستيراد الفحم منها، قائلاً: «إذا تم اقتراح دولة بعينها لاستيراد الفحم دون الرجوع للضوابط والمعايير فسيعد ذلك خيانة وتحيزاً لدول بعينها».
قال سلام إن جميع الوزارات وافقت على استخدام الفحم ولم يعترض أحد سوى الدكتوره ليلى إسكندر، وزيرة البيئة السابقة، ووزيرة التطوير والعشوائيات حالياً، مشيراً إلى أن وجهة نظرها تُحترم وإن كان مختلفاً معها فى الرأى – على حد قوله – لافتاً إلى أنه لا يوجد شىء لن ينتج عنه أضرار على الاطلاق. ويتمثل دور الوزارات فى وضع الضوابط والمعايير التى تقنن من هذا الضرر.
على جانب آخر ، أكد مصدر مسئول بوزارة البيئة أن الانبعاثات الناتجة عن حرق الفحم داخل المصانع فى جميع القطاعات، تتراوح ما بين 3 و5 أضعاف النسب المتفق عليها فى اللائحة الوزارية الحالية لعام 2011 التى تم وضعها فى حكومة الدكتور عصام شرف.
وأضاف المصدر، أن دخول الفحم فى حد ذاته خطر على البيئة، حيث إنه سيدمر صحة المواطن ويسبب العديد من الأمراض السرطانية، موضحاً أن حرق الفحم داخل الصناعات ينتج عنه مركبات الدايوكسنات والفيونات، وهى مركبات مسرطنة. وحال عدم الالتزام بالمعايير البيئية سيؤدى ذلك للعديد من المخاطر.
أكد المصدر أن أغلب الدول التى تستخدم الفحم داخل مصانع الأسمنت، تخصص ميزانية ضخمة تتراوح ما بين 10 و50 مليون يورو لمعالجة الملوثات الناتجة عن الحرق، موضحاً أن مصر غير قادرة على توفير هذا المبلغ.
وقال الدكتور سمير موافى، رئيس لجنة الطاقة بوزارة البيئة سابقاً، إنه وفقاً لتقديرات وزارة البترول، فإن تكلفة التأثيرات البيئية لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون تصل إلى 80 دولاراً سنوياً لكل طن.. الأمر الذى يجعل تكلفة استخدام الفحم لإنتاج 60 مليون طن من الأسمنت تصل إلى 536 مليون دولار سنوياً، بسبب زيادة انبعاثات الكربون بمقدار 6.7 مليون طن. وأضاف أن تكلفة استخدام الفحم لتوليد محطة كهرباء بقدرة 3000 ميجا وات تصل إلى 700 مليون دولار تقريباً سنوياً، مع زيادة انبعاثات الكربون 5.7 مليون طن، مشيراً إلى أن استخدام الفحم يضر بموقف مصر التفاوضى فى اتفاقية التغيرات المناخية، ما يعرض مصر لمخاطر عدم الاستجابة لمطالبها بالتعويضات التى تستحقها. أوضح أن مصر من الدول الأكثر تعرضاً للأضرار نتيجة التغيرات المناخية، لافتاً إلى أن خسائر منطقة الدلتا فقط تتراوح بين 100 و500 مليار جنيه سنوياً.. الأمر الذى يمثل عائقاً للتنمية وفرص تصدير المنتجات المصرية.