إعداد: سعيد عباس جمعة
فى مقال سابق تحت عنوان « البنوك الإسلامية بين الواقع والمأمول»، أوضحنا مفهوم البنوك الإسلامية وأنتهينا إلى أن البنك الاسلامى ليس مجرد وسيط مالى فحسب.. بل هو مركز اشعاع وتربية ووسيلة عملية الى حياة كريمة لافراد المجتمع ككل.
وكنا قد وعدنا بسلسلة مقالات عن نوعية الخدمات المصرفية التى يقدمها البنك الاسلامى كنوع من أنواع التثقيف وزيادة الوعى المصرفى لدى أفراد المجتمع. واليوم نبدأ بتعريف أهم الاوعية الادخارية بالبنوك الإسلامية وتتمثل فى (الحساب الجارى – الحساب الاستثمارى -حساب التوفير الاستثمارى – الشهادات الادخارية)
أولا – الحساب الجارى الاسلامى:
هو إحدى الخدمات التى تقدمها البنوك الإسلامية للعملاء.. ومن خلاله يمكن للعميل الاحتفاظ بأمواله فى البنك مع الضمان الكامل الذى يوفره البنك. كما يمكنه سحبها أو سداد أى التزام مالى عليه من خلال البنك فى أى وقت، وذلك إما عن طريق اصدار الشيكات أو السحب المباشر من الرصيد من خلال فروع البنك أو من خلال ماكينات الصراف الآلى والتى تعمل طوال اليوم.
كما يمكن للعميل سداد قيمة مشترياته من خلال ماكينات نقاط البيع (p.o.s) المنتشرة فى الاسواق والمحلات.
ويقوم البنك باستثمار هذه الاموال فى مجالات مشروعة تبعا لما أقرته الشريعة الإسلامية، حيث اتفق الفقهاء على أن الحساب الجارى هو عقد قرض حسن بين العميل والبنك، ويتم التعامل فيه من خلال القاعدة الشرعية المستمدة من الحديث الشريف الذى يقول فيه الرسول الكريم «الخراج بالضمان»، والذى جاء فى تفسيره أن من ضمن أصل شىء فله ما يخرج منه من ربح أو خسارة.
والعميل عندما يودع أمواله فى البنك الاسلامى كحساب جارى لا يهدف للحصول على الارباح وانما أرد حفظ امواله وضمانها. كما ان وصف العلاقة بين العميل والبنك بأنها «عقد قرض حسن » لا تبيح للعميل الاستفادة من القرض من خلال توزيع أى عائد من البنك الاسلامى، لأنها تعد انتفاعا من القرض.. وهذا غير جائز لأن القاعدة الشرعية تقول «كل قرض جر نفعا فهو ربا».
ثانيا- حساب الاستثمار الإسلامى:
ويقصد بالحسابات الاستثمارية، الاموال التى يودعها أصحابها لدى البنك الاسلامى بهدف الحصول على عائد وتخضع هذه الحسابات من الناحية الشرعية لعقد المضاربة الاسلامى، حيث يقوم البنك باستثمار هذه الاموال فى مجالات عمل مشروعة.. ويتم توزيع الارباح الناتجة بين البنك والعميل، وفق نسب مئوية متفق عليها عند التعاقد، حيث يحصل البنك على حصة من الارباح مقابل الجهد المبذول ويحصل العميل على حصة مقابل رأس المال.
وتخضع هذه الحسابات للقاعدة الشرعية «الغنم بالغرم» وهى تعنى المشاركة فى الارباح والخسائر، وهذا لايعنى أن العميل معرض لخسارة جزء من رأسماله، لان البنوك كمؤسسات مالية متخصصة ومحترفة تقوم بدراسة مجالات الاستثمار قبل الدخول فيها. كما تطبق سياسة تنويع محفظة الاستثمار بهدف توزيع المخاطر.. وعليه فإذا ماخسر نشاطاً أو اثنين من ضمن 20 نشاطا، تكون المحصلة النهائية بالنسبة للبنك تحقيق مكسب وليس خسارة وعليه لا يتصور أن يخسر البنك لهذه الأسباب.
والحسابات الاستثمارية تحدد بمدة من 6 أشهر لسنة، يتم بعدها اضافة الارباح لحساب العميل.. ويكون للعميل حرية السحب من حسابه.. ولكن يكون لذلك تأثير على ارباحه.
ثالثا -حساب التوفير الاستثمارى:
يتميز حساب التوفير الاستثمارى بأنه يجمع بين مزايا الحساب الجارى وحساب الاستثمار، حيث يمكن للعميل السحب من الحساب وقتما يشاء، سواء من الفروع أو من خلال ماكينات الصراف الآلى، أو سداد مشترياته من خلال ماكينات نقاط البيع الالكترونية.. وفى الوقت نفسه يمكن للعميل الحصول على عائد على الرصيد المتبقى فى حسابه، وفقا لعقد المضاربة الشرعى الذى يتضمن نسب توزيع العائد بين البنك والعميل فى بداية التعاقد، كنسب مئوية من الأرباح الناتجة عن استثمار الأموال.
رابعا – شهادات الادخار الإسلامية:
تعد شهادات الادخار الإسلامية من اهم الاوعية الادخارية، وهى نوعان: النوع الاول يوفر للعميل عائدا شهريا تحت حساب التسوية النهائية كل 6 أشهر فى 30/6-31/12 من كل عام ومدة الشهادة خمس سنوات. والنوع الثانى، يوفر للعميل عائدا ربع سنوي، ومدتها ثلاث سنوات وتعمل وفق عقد الوكالة الشرعية، حيث يعد البنك وكيلا عن أصحاب الشهادات فى استثمار تلك الاموال مقابل نسب محددة من قيمة الشهادات، حيث تعتمد البنوك على هذه النوعية من الاوعية الادخارية لما لها من استقرار نسبى يمكن الاعتماد عليها فى الاستثمار فى الأجلين المتوسط والطويل.
وهنا نطرح سؤالا هل تقدم البنوك الإسلامية الخدمات المصرفية المقدمة بالبنوك التقليدية؟
من حيث المبدأ، فإن البنك الاسلامى يقدم جميع الخدمات المصرفية التى يقدمها البنك التقليدى فيما عدا الخدمات المصرفية التى تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، والتى تستخدم أسعار الفائدة فى تنفيذ تلك الخدمات.
وقد أوجدت البنوك الإسلامية البدائل لجميع المنتجات التقليدية، ما عدا منتج قطع أو خصم الأوراق التجارية، حيث يتم اعتماد العقود والنماذج الشرعية للخدمات المصرفية من قبل هيئة الرقابة الشرعية بالبنك قبل تقديم الخدمة للعملاء.
ومن هذه الخدمات الاعتمادات المستندية – خطابات الضمان – بطاقات الائتمان – الحوالات -عمليات الصرف الاجنبى – تأجير الخزائن – عمليات بيع وشراء الاوراق المالية.. ويحصل البنك على أجر مقابل تقديم هذه الخدمات.
وتعد خدمة قطع أو خصم الأوراق التجارية هى الخدمة الوحيدة التى لا يقدمها البنك الاسلامى، لانها تعد بيع دين بدين، وهو منهى عنه شرعا.