مع هبوط النفط دون مستوى 50 دولارا وذلك للمرة الأولى في ست سنوات تقريبا، هناك تساؤل منطقي عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه الأسعار، البعض يراهن على مستوى 20 دولارا الذي كان آخر عهد الأسواق به عام 2002، والذي ألمح إليه “النعيمي” في أحد تصريحاته.
لكن لماذا تتراجع الأسعار؟
التفسيرات عديدة منها ارتفاع الدولار، وقرار “أوبك” في نوفمبر/تشرين الثاني بعدم خفض سقف الإنتاج، بجانب تصريحات المسؤولين في كبرى الدول المنتجة وغيرها من الأسباب المكرر سردها.
لكن صحيفة “الجارديان” البريطانية ركزت على سبب آخر يتعلق بنمو الإنتاج الأمريكي بنسبة 48% بين عامي 2008 إلى 2013 بدعم الإستثمار في مشروعات النفط الصخري، مما دفع الإنتاج إلى مستوى 11 مليون ب/ي في بداية عام 2014.
اللافت للنظر أن زيادة الإنتاج هذه استوعبها السوق لتكون عوضاً عن تذبذب الإمدادات نتيجة العقوبات المفروضة على إيران، بجانب الإضطرابات في العراق وليبيا، لكن تراجع وطأة المشاكل المتعلقة بالمعروض منها ارتفاع صادرات العراق إلى أعلى مستوياتها منذ 25 عاما تقريبا الشهر االماضي، بجانب ارتفاع انتاج روسيا عام 2014 بأسرع وتيرة منذ انهيار الإتحاد السوفيتي غيرت الموازين.
وبالتزامن مع زيادة المعروض تراجع الطلب، حيث هبط استهلاك النفط في أوروبا وكذلك اليابان خلال العام الماضي، بالتزامن مع تباطؤ نمو الإقتصاد الصيني الذي يعد أحد قاطرات الإنتعاش العالمي، مما قلص الطلب من قبل ذلك البلد على الذهب الأسود.
ولا تنسى الأسواق التصريح الشهير للوزير “على النعيمي” قبل نهاية عام 2014 بأن خفض الإنتاج لا يصب في مصلحة “أوبك” مهما انخفضت الأسعار إلى 60، 50، 40 أو 20 دولارا، وهو ما رسخ في الأذهان وتفاعلت معه تحركات النفط بالفعل.
الرابحون والخاسرون
يرى صندوق النقد الدولي أن الإنخفاض الذي شهدته أسعار النفط يمكن أن يضيف 0.7% لنمو الإقتصاد العالمي عام 2015، فيما ترى وكالة الطاقة الدولية ان العديد من الحكومات سوف تستخدم هذا التراجع في خفض دعمها على الوقود، وهو ما يعني بالتبعية أن التأثير سيكون محدودا على المستهلكين.
وعلى ذكر المستهلكين فإن موطني الولايات المتحدة مستفيدون من هبوط الأسعار، حيث أنه لا دعم للوقود، لكن الوضع يختلف في الدول النامية، وسيختلف تأثيره من دولة لأخرى.
وصاحب انخفاض النفط ارتفاع الدولار وهو ما يعني تضرر الأقتصادات الناشئة بسبب ارتفاع تكلفة ديونها البالغة 9 تريليونات دولار، وهو ما يعني تخفيف الأثر الإيجابي لتراجع أسعار النفط.
إلى أى مدى يمكن أن تتراجع الأسعار؟
لا أحد يعرف على وجه الدقة، هذه هي الإجابة التي أوردتها “الجارديان” وهي مقنعة إلى حد كبير، فإدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعت تراجع خام برنت إلى 68 دولارا، وقبل إجتماع “أوبك” السابق توقع “جولدمان ساكس” هبوطه إلى 85 دولارا عام 2015، لكن حركة النفط ذهبت إلى أدنى من ذلك بكثير كما هو حادث بالفعل.
بعض التجار يراهنون على الهبوط إلى 40 أو 30 دولارا، وقلة منهم ترى 20 دولارا تلوح في الأفق، وهو مستوى لم تره الأسواق منذ السنوات الأولى للألفية الثانية.
وهناك محللون ينتظرون انتعاشا للأسعار عند 70 دولارا بعد الهبوط إلى 30 دولارا أولاً، ولا يرون مبرراً للمغامرة بإنتظار مستوى 20 دولارا.
وكالات