السادات: هيئة الميناء لا تعرف شيئاً عن المشروع ولم تتلق أى دراسة جدوى حتى الآن
الهوارى: مبهم ولم تحدد ملامحه أو آليات تنفيذه أو طرق التمويل فى ظل أرمات الإقتصاد
%24 حصة الدول العربية من تجارة القمح الدولية وليس %70 كما بنى الوزير دراساته
نورالدين: قوانين البورصات العالمية تحظر شراء السلع وإعادة تصديرها لمنع الإضرار العمدى بسمعة المنتجات
سلطان: تجميع مخزون الغلال فى مكان واحد يعرض الدولة لأى مخاطر طبيعية أو عسكرية ويهدد الأمن الغذائى
أعلن وزير التموين عن مشروع إقامة مخزن لوجستى فى ميناء دمياط، لتخزين وتجارة الحبوب والغذاء، بعد أسابيع قليلة من توليه المنصب دون دراسة جدوى تفصيلية، ولا دراسة لحجم التجارة مع الدول المحيطة والمستهدف تخزينها أو موافقتها على شرائها للحبوب والأغذية من مصر أو تفويض بالشراء بالنيابة عنها، ثم كان عليه الإجابة عن سؤال ليوضح فيه سبب شرائها الحبوب من مصر، وليس من المنبع مباشرة، موفرةً مبالغ التفريغ والتخزين فى مصر، ثم إعادة التعبئة والشحن إليها، ومعه أيضا سؤال عما إذا كان من حق مصر أن تبيع منتجات ليست من إنتاجها، وهل من حقها التجارة فى بضاعة غيرها وتصدير المستورد؟
قال أكد المهندس محمد السادات، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط، إن الهيئة لم يصل إليها حتى الآن أى دراسة جدوى لمشروع المركز اللوجستى العالمى، المزمع إنشاء رصيف له بالميناء، مؤكداً أن وزير التموين هو الوحيد الذى يعرف دراسات المشروع.
وقال أحمد سلطان، مستشار وزير النقل السابق لقطاع النقل البحرى، خبير النقل، إن مصر هى أكبر مستورد للقمح فى العالم وان استهلاكنا للقمح يتم من خلاله تحديد أسعاره عالمياً.
وأوضح أنه من الخطورة تجميع كل مخزون الدولة من السلع الاستراتيجية فى مكان واحد، يسهل القضاء عليه فى حالة تعرض الدولة لأى نوع من الحروب أو تعرض المنطقة لأى خطر طبيعى يهدد الأمن الغذائى للبلاد.
وأشار إلى ضرورة توزيع مخازن الغلال على أكثر من منطقة متباعدة بالدولة؛ حتى يتسنى حمايتها وتأمين احتياجات الشعب من الغذاء فى الوقت المناسب.
ووصف سلطان إنشاء بورصة الغلال بدمياط بالعبث والجهل من الجهات القائمة عليه، لافتاً إلى أن استخدامات مصر من الغلال يتم استيرادها من الشرق «أستراليا- كازخستان»، وبالتالى تمر بالبحر الأحمر، ثم قناة السويس ليصل إلى بورصة الغلال بدمياط، ثم يتم نقله مجدداً إلى الجنوب فى محافظات الصعيد.
وأكد مستشار وزير النقل السابق لقطاع النقل البحرى والنهرى، أن ميناء دمياط وصل إلى الطاقة الاستيعابية القصوى، ولا يمكن زيادة أعداد السفن القادمة إليه، الأمر الذى يجعل تنفيذ المشروع يزيد من ساعات الانتظار خارج القناة.
وأضاف أن الدولة تعانى من تدهور حالة الطرق، علاوة على تدنى مستوى السكك الحديدية، وتهالك أسطولها، والتى من المقرر أن يتم استخدامها فى نقل الغلال إلى المحافظات والدول المختلفة.
وأوضح سلطان، أن إنشاء بورصة الغلال بميناء دمياط سيؤدى الى ارتفاع أسعار النولون التى سيتحملها المواطن.
وقال نادر نورالدين، المستشار السابق لوزير التموين، إن من حق كل دولة أن تتاجر فى منتجاتها فقط، وليس من حق مصر مثلا أن تستورد القمح الأمريكى، ثم تعيد تصديره لأنه ليس ملكها، وأمريكا أولى بتجارته، ولأن ذلك يمنع احتمالات التعمد إلى الإضرار بسمعة منتج دولة أخرى عند نشوب خلاف بين الدول، وبالمثل لا يمكن لأمريكا أن تستورد المنسوجات المصرية ثم تعيد تصديرها، فقوانين البورصات العالمية تمنع ذلك وبشكل نهائى وحاسم، وليس لأمريكا على سبيل المثال أى فرع لبورصاتها للقمح والحبوب فى بعض الدول المتوسطية مثل إسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا وجميعها حلفاء لأمريكا فى حلف الناتو، والتى يمكن أن تكون قريبةً من أسواق الشرق الأوسط والدول العربية التى بنى عليها الوزير حساباته فى إعادة التصدير.
وأكد مستشار وزير التموين السابق، أن نصيب الدول العربية من استيراد الغلال خلال 2013 وفقاً لتقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية بلغ 40.8 مليون طن، بما يمثل %24 من حجم تجارة القمح عالمياً المقدرة بـ 166 مليون طناً طبقاً لبيانات بورصة شيكاغو للحبوب وهيئة القمح الأمريكى US Wheat Associate، وذلك مخالف لما صرح به وزير التموين بأن الدول العربية تستورد %70 من قمح العالم.
وأوضح نورالدين، أن الدول السبع الكبرى المصدرة للقمح والحبوب فى العالم وهى «أمريكا وكندا والأرجنتين وفرنسا وأستراليا وروسيا وأوكرانيا» نجد أن منها دولةً واحدةً فقط تطل على البحر المتوسط، وهى فرنسا ودولتان تصل إليه بسفنهما وهما روسيا وأوكرانيا، وإذا ما نظرنا من الجهة الأخرى على الدول العربية المتوسطية المستوردة فى شمال أفريقيا وهى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ثم موريتانيا على الأطلنطى.
وأضاف أن السفن القادمة من فرنسا أو من دول الأمريكتين تمر بهذه الدول أولا قبل وصولها إلى مصر، بينما وزير التموين يفترض أنها ستتخطاها ثم تجيء إلى مصر لتفريغ محتوياتها على أن تعيد مصر التصدير إليها بعد ذلك، وتعود بخط السير إلى الخلف بما يظهر حجم الحسابات الخاطئة التى يقع فيها الوزير.
واكد أن دول الخليج جميعاً السعودية والإمارات والكويت واليمن وعُمان والعراق وقطر والبحرين ومعها الصومال وجيبوتى تستورد القمح من أمريكا وكندا والأرجنتين ثم أستراليا تتجه مباشرة إلى موانئ هذه الدول سواء على البحر الأحمر أو المحيط الهندى أو الخليج العربى، لتفرغ شحناتها من القمح مباشرة دون المرور أصلاً بالبحر المتوسط ولا تحتاج لعبور قناة السويس وسدادها لنحو 4 ملايين جنيه مصري لعبور مركب الحبوب حمولة 60 ألف طن (ورسوم مماثلة فى العودة).
ولفت إلى أن دول غرب أفريقيا وهى الدول كثيفة السكان التى افترض الوزير حتمية استيرادها الغذاء والحبوب من مصر دون دراستها أولاً أو أخذ رأيها، فينطبق عليها ما ينطبق على دول شمال أفريقيا؛ لأنها فى الجهة المقابلة مباشرة لموانئ أمريكا وكندا والأرجنتين وتأتيها السفن مباشرة منها وأيضا من أستراليا دون أن تمر من الأصل بالبحر المتوسط، وبالتالى فاستيرادها القمح والحبوب من هذه الدول مباشرة أوفر كثيراً.
وعن دول شرق أفريقيا والتى تستقبل أقماحها من أستراليا الأقرب ثم الأرجنتين وأمريكا وكندا، وتصل إليها الحبوب بنفس طريقة دول الخليج، ولا تحتاج إلى مضاعفة النفقات بالتفريغ، ثم إعادة التحميل أو بعبور قناة السويس وسداد رسوم لن تدفعها عن وصول القمح إليها مباشرة من الدول المذكورة.
وقال الدكتور يسرى الهوارى، عضو لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إن مشروع المركز اللوجستى ما زال مشروعاً مبهماً، ولم تتحدد آليات تطبيقه حتى الآن، كما أن المشروع لم يحدد سبل التمويل.
وأشار إلى أن التكلفة التى حددها الوزير بـ15 مليار جنيه، وهى حجم الاستثمار فى المركز اللوجستى رقم كبير للغاية، لن يستطيع المستثمرون المصريون توفيره فى ظل الأزمات التى تعرض لها الاقتصاد المصرى طوال الأعوام الماضية.
وشدد الهوارى على أهمية الانتهاء من الدراسات الفنية للمشروع والعمل على بدء تنفيذه فى أقرب فرصة لعدم إثارة اللغط حول مصداقية الحكومة، مع الحرص على تخفيض التكلفة وترشيد النفقات.
واشار الى ضرورة اتباع اسلوب تدريجى لتنفيذ بنود المشروع ومن غير المنطقى إنشاء صوامع ومناطق تخزين ومحطات غلال وأرصفة بحرية ونهرية، بالإضافة إلى مناطق صناعية للغلال والسلع الغذائية تتضمن المطاحن وإنتاج الدقيق الفاخر، وصناعات منتجات الذرة واستخلاص الزيوت، وصناعات الصويا، وتشمل الصناعات الغذائية والزيوت والأعلاف، وصناعات السكر، وتشمل التكرير والتعبئة والتخزين، ومنطقة للصناعات التكميلية كل ذلك فى وقت واحد، ومن المفترض أن يتم إنشاء مشروع تلو الآخر.
و قال فتحى كشك، مدير عام شركة الزمردة لمنتجات الذرة، إن المشروع يعد من أهم المشروعات القومية التى تستهدف الدولة تنفيذها فى المرحلة المقبلة، لتمثل نقلة نوعية كبيرة تنقل مصر إلى مستقبل واعد وتوفر ظروفاً أفضل للأجيال القادمة، ولذلك من المفترض أن تضع وزارة التموين خريطة لإنشائه، وتعلنها فى جميع الصحف القومية والمستقلة.
اضاف أن الشركة كان تنوى انشاء مصنع للنشا والجلوكوز، وفكرت فى بادئ الأمر أن تقيمه بالقرب من المركز اللوجستى ولكن بالذهاب إلى جهاز مدينة دمياط، تبين أن الجهاز لا يعرف شيئاً عن المشروع، مؤكداً ان القطاع الخاص المصرى لا يعرف ما إذا كان سيسمح له بالمشاركة فى إنشاء المركز اللوجستى أو لا وما هى سبل الاستثمار فى المركز اللوجستى.
وأشار إلى أن الوزير قال، إن المدينة ستكون على منطقتين رئيسيتين بطاقة تخزينية 7 ملايين طن، وسيكون هناك نماذج مختلفة للتخزين، حيث التخزين السريع بطاقات متعددة للتجارة السريعة بحجم تداول بالمشروع يصل إلى حوالى 65 مليون طن سنوياً من الغلال والسلع الغذائية، ولكن لم يحدد كيفية إقامة الصناعات الخاصة بالقيمة المضافة.
وأبدى كشك دهشته من إعلان الوزارة القدرة على الانتهاء من مشروع بهذه الضخامة خلال عامين فقط، ومشروع كهذا قد يأخذ عشرات السنين لتنفيذه.
ويرى قال عبدالغفار السلامونى، رئيس شعبة المطاحن بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، إن فكرة انشاء صوامع لتخزين الحبوب تعد فكرة جيدة، خاصة أن مصر تعانى عدم وجود صوامع للتخزين منذ سنوات طويلة، حيث إن اجمالى السعات التخزينية فى مصر لا يزيد على 3 ملايين طن سنوياً، فى حين أن كميات القمح التى يتم استهلاكها سنوياً تصل الى 15 مليون طن من القمح و6 ملايين طن من الذرة.
اضاف السلامونى، أن خالد حنفى، وزير التموين والتجارة الداخلية، يريد إنشاء مركز لوجستى لتداول الحبوب وتخزينها، وهى فكرة يصعب تنفيذها من الناحية العملية، حيث إن تصدير الحبوب إلى الدول المحيطة سيمثل تكلفة اضافية على تلك الدول نظراً الى أن الدولة التى ستقوم بالاستيراد من مصر ستتحمل تكلفة شحن إضافية، كان أولى لها أن تقوم بالاستيراد من دولة المنشأ مباشرة، بدلاً من الاستيراد من المركز الذى سيحمل سعر الحبوب حتماً تكلفة إضافية تتمثل فى شحنه وتخزينه على سعره بالإضافة إلى أن كافة الدول المحيطة بمصر وكافة الدول العربية لديها سعات تخزينية عالية.
اشار السلامونى إلى أنه يمكن الاستفادة أكثر من المنطقة اللوجستية فى حالة تحقيق قيمة مضافة للقمح وطحنه إلى دقيق وتصنيع المكرونة، وتصديرها إلى دول جنوب أفريقيا والشرق الأوسط.
واستبعد القدرة على إنشاء سعات تخزينية تصل الى 65 مليون طن لا يمكن تحقيقها أبداً على أرض الواقع خلال عامين، حيث إن المشروع يحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن 5 سنوات.