بقلم: مارتن فيلدشتاين
قد تنجح مشتريات البنك المركزى الأوروبى المتوقعة لكميات كبيرة من السندات السيادية فى تخفيض أسعار الفائدة فى منطقة اليورو، وتقليص قيمة اليورو، ولكنها غير كافية لتحقيق نمو كبير فى الدخل والوظائف.
ولحسن الحظ، هناك استراتيجيات بديلة يمكن لحكومات منطقة اليورو الفردية القيام بها لتحفيز تعافى اقتصاداتها.
وتفتقر سياسات منطقة اليورو إلى استخدام «المحفزات الضريبية غير المؤثرة على الإيرادات» وهى المحفزات المؤقتة التى تحفز الإنفاق الخاص دون أن تسبب زيادة فى عجز الموازنة، وهذا النهج من شأنه تخفيض التكاليف المتعلقة بتمويل الشركات والأسر، أى تخفيض صافى سعر الفائدة، وصافى تكلفة الاستثمار فى الأسهم، وبالتالى زيادة العائد على الاستثمارات.
وتغيير القواعد الضريبية بهذه الطريقة يمكن أن يكون له نفس الأثار التحفيزية لتخفيض أسعار الفائدة، ولكن بدون الأثار الناتجة عن لجوء القطاع المالى إلى الأصول منخفضة الجودة أو هوامش الأرباح الأقل من الائتمان لتحقيق مكاسب بسبب أسعار الفائدة شديدة الانخفاض.
وهناك ميزة أخرى لاستخدام المحفزات المالية وهى أن التغييرات فى القواعد الضريبية يمكن تطبيقها على مستوى دول منطقة اليورو الفردية دون الحاجة للحصول على موافقة من هيئة أوروبية عامة أو الدول الأعضاء الأخرى.
ورغم أن استحداث اليورو أنهى إمكانية اتخاذ سياسات نقدية منفردة أو سعر صرف منفرد، إلا أنه لم يمنع تنوع القواعد الضريبية، وبالتالى يمكن تفصيل المحفزات الضريبية حسب الظروف الفردية لكل دولة.
ويؤدى تغيير القواعد الضريبية إلى زيادة الإنفاق الإجمالى دون توسيع العجز المالى، فعلى سبيل المثال، قد تحفز الزيادة المؤقتة فى نسب الإهلاك الضريبى، والإعفاءات الضريبية على الاستثمارات الكبيرة، الاستثمارات الجديدة فى المصانع والمعدات من خلال زيادة صافى العائد على الاستثمار.
وهناك دليل قاطع على أن هذه السياسات كانت فعالة فى تحفيز الاستثمارات فى الولايات المتحدة خلال فترات ركود عديدة.
كما يمكن استخدام السياسات الضريبية لتحفيز بناء منازل جديدة بدلاً من تخفيض أسعار الفائدة على قروض الرهن العقارى، كما أن المحفزات الضريبية المباشرة لشركات إنشاء المنازل يمكن أن تنعكس بسهولة على المشترين المحتملين.
وعلاوة على ذلك، يمكن خصم فائدة الرهن العقارى من الدخل الخاضع للضريبة (كما يحدث فى الولايات المتحدة)، ويمكن تعويض الانخفاض الناتج فى الإيرادات عن هذه هذه المحفزات المؤقتة من خلال تعديل أسعار الضرائب فى مجالات أخرى وتوزيعها بطريقة محايدة.
ويوجد خيار آخر لدول منطقة اليورو المنفردة وهو تعديل ضرائب القيمة المضافة الخاصة بها، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تقرر الحكومة رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة %2 سنوياً على مدار الخمس سنوات المقبلة، على أن يتم تدوير الزيادة فى الإيرادات الضريبية فى صورة تخفيض فى ضريبة الدخل.
وسوف تؤدى الاحتمالات المستقبلية لرفع ضريبة القيمة المضافة إلى حث المستهلكين على الإنفاق أكثر قبل ارتفاع الأسعار، وهذا من شأنه أيضاً رفع معدل التضخم فى أسعار المستهلك.
وإذا نجحت أى دولة أوروبية فى فى تحفيز الاقتصاد من خلال استخدام واحدة أو أكثر من هذه السياسات الضريبية المحفزة، فسوف تحذو الدول الأخرى حذوها على الأغلب، وبناءً على ذلك، ينبغى على البنك المركزى الأوروبى والمفوضية أن يشجعوا هذه السياسات الضريبية غير المؤثرة على الإيرادات.
ورغم أن مشتريات المركزى الأوروبى واسعة النطاق من السندات السيادية قد تساعد منطقة اليورو، فإنها فى الغالب لن تحقق نفس النجاح الذى حققته فى الولايات المتحدة.
ففى أمريكا، يرجع تحفيز المشتريات الكبيرة للدين الحكومى للاقتصاد بقدر كبير إلى تخفيض أسعار الفائدة طويلة الأجل، مما دفع بأسعار الأسهم والمنازل إلى أعلى، ثم ان الارتفاع فى صافى قيمة المنازل بمقدار تريليون دولار فى 2013 أشعل فتيل الإنفاق الاستهلاكى، وبالتالى تعافى أوسع للطلب.
أما فى أوروبا، فأسعار الفائدة بالفعل منخفضة للغاية، كما أن العائد على السندات الألمانية لأجل عشر سنوات أقل من %0.5، ولا يتعدى العائد على السندات الإيطالية والأسبانية %2.
وأخيراً، ينبغى على دول منطقة اليورو اقتناص المبادرات لتحفيز اقتصاداتها من خلال إدخال تغييرات مؤقتة على المحفزات الضريبية، فبذلك، سيساعدون أنفسهم ويساهمون من خلال التجارة فى زيادة النشاط فى المنطقة.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: فاينانشيال تايمز