3 آلاف شركة مقيدة من 70 دولة برؤوس أموال تتجاوز 3 تريليونات إسترلينى
أكثر من 40 طرحاً سنوياً بقيمة تزيد على 20 مليار دولار
منذ ما يزيد على عام ونصف العام، حذرت قيادات العديد من بنوك الاستثمار المصرية والإقليمية من الاهتمام المتزايد للشركات المصرية بالقيد فى بورصات عربية وعالمية، متوقعين لجوء العديد منها لهذه البورصات، خاصةً مع تراجع جاذبية السوق المصري، فى ظل الأزمات التشريعية المتتالية وصدور قواعد القيد الجديدة، وما حملته من اشتراطات للقيد، فى وقتٍ سعت فيه البورصات من حولنا لجذب شركات جديدة فى سوقها سواء كانت محلية أو إقليمية.
شهدت الفترة منذ بداية العام وحتى قبل أسبوع 3 طروحات اهتم بها السوق المصرى كثيراً، تم قيد الأول «أوراسكوم كونستراكشن» بالكامل فى سوق دبى مع طرح 10% فى السوق المصرى طرحاً خاصاً، تلاه طرح شركة «إيديتا» للصناعات الغذائية، وخصصت النسبة الأكبر منه لشهادات الإيداع الدولية فى بورصة لندن، فيما كان آخر مفاجآت السوق هو طرح «التشخيص المتكاملة» فى بورصة لندن، وتأجيل الطرح فى السوق المصري، متزامناً مع إعلان شركة «النيل للسكر» طلبها لتأجيل الطرح 6 أشهر إضافية.
فيما تبدأ إجراءات القيد ببورصة لندن باجتماعات أسبوعية مع مسئولى البورصة، تستمر حتى إنهاء عملية الطرح والتى تستغرق حوالى ثلاثة أشهر فقط منذ بدء الحديث عن نية القيد، وتتم الاجتماعات بالتوازى مع الفحص النافى للجهالة، وإعداد القوائم المالية عن ثلاث سنوات ماضية، وتقارير رأس المال العامل ومناقشات التقييم وهيكل الملكية، ويتم بناءً عليها اعتماد حجم الطرح فى الأسبوع السادس وحتى الثامن من بدء المحادثات مع البورصة عن عملية القيد، فيما يبدأ من الأسبوع الرابع عمليات الترويج، وتكون الشركة أنهت جميع الأوراق المطلوبة والموافقات على الطرح فى الأسبوع الرابع عشر، فى شكل متابع ومرسوم من جانب الجهات الرقابية لضمان نجاح الطرح.
جدير بالذكر أن العامل الأساسى فى نجاح بورصة لندن فى استقطاب كم كبير من الشركات، يكمن فى وضع إطار زمنى محدد لكل خطوة من اجراءات القيد والطرح، سواء بالنسبة لإجراءات مقدمى الطرح أو الجهات التى تعتمد الموافقة عليه. كما يأتى الاهتمام ببورصة لندن باعتبارها أحد أقدم وأعرق أسواق المال عالمياً، حيث أسس فى القرن السابع عشر، ويضم حالياً أكثر من سوق بداخله، حيث يتم تداول الشركات الكبيرة فى السوق الرئيسى والذى يقسم الشركات لثلاث مستويات حسب حجم كل منها، فيما يتم تداول شهادات الإيداع، وأوراق الدين، فضلاً عن سوق (AIM) للشركات الصغيرة ورأس مال المخاطر (Venture capital).
يضم سوق الأسهم الإنجليزى نحو 3100 شركة مقيدة 700 منها شركات عالمية بإجمالى رؤوس أموال تجاوزت قيمتها السوقية 3 تريليونات جنيه إسترلينى، ما يعنى نحو أكثر من 1000 ضعف رأس المال السوقى للشركات المقيدة فى البورصة المصرية، والتى كانت يوماً ما خامس أكبر الأسواق المالية العالمية مقيداً بها أكثر من 1500 شركة فى عصر الملكية، ساعدت على تأسيس كيانات ظلت شاهدة على النهوض بقطاعات عديدة فى الاقتصاد المصرى من بينها بنوك وشركات تأمين وسكك حديدية ونقل.
ويعد أبرز ما يميز السوق الإنجليزى هو سهولة عرض المعلومات التى تقودك لإدراج شركتك فى السوق، حتى وإن لم تكن تعلم أى شيء عن طبيعة الأسواق المالية، ويتركز عمل السوق على مساعدتك فى اختيار مستشاريك ومساعديك وحتى الإدارات الداخلية، وما يجب أن تنطوى عليه طبيعة فكرهم للنهوض بكيانك الجديد، المنظومة واضحة ومحددة لا مجال للتشكك أو الجدال.
شهدت بورصة لندن 8 طروحات جديدة خلال شهر أبريل الماضى فقط، بإجمالى رؤوس أموال 1.95 مليار استرليني، فضلاً عن 97 عملية زيادة رؤوس أموال خلال الشهر بقيمة 4.04 مليار استرليني، فيما بلغ إجمالى عدد الطروحات الجديدة منذ بداية العام 30 طرحاً بإجمالى 3.8 مليار استرليني، و231 عملية زيادة رأسمال بقيمة 9.4 مليار استرليني، وهو ما يمكن أن تضعه البورصة المصرية كمستهدف للخمسين سنة القادمة إذا نجحت فى تحقيقه.
بالإضافة إلى أن 782 طرح سندات بسوق اليورو بوند بإجمالى 116 مليار استرلينى منذ بداية العام، ويبلغ متوسط حجم التداولات اليومية 6.5 مليار استرلينى فى سوق الأسهم فقط.
وينشر موقع «Londonstockexchange.com» تفاصيل عملية طرح شركتك أو شهادات الإيداع أو أوراق الدين الخاصة بالشركة فى أي من أسواقها بدءاً من اختيار راعٍ، وشركة استشارات وبنك الاستثمار ومهمة كل منهم خلال فترة التجهيز للقيد وحتى الطرح والتى تستغرق بين 14 و20 أسبوعاً حسب ظروف السوق، متضمنة كل التقارير والبيانات المطلوبة والرسوم ضمن جداول واضحة ومحددة.
وتتراوح رسوم القيد بالسوق بين 5000 استرلينى و500 ألف حسب حجم كل شركة بما يعادل 1.5 فى الألف للشركات الصغيرة تصل إلى أقل من 4 فى العشرة آلاف للشركات التى يزيد رأسمالها على 500 مليون جنيه استرلينى، فيما تتراوح الرسوم السنوية بين 5000 استرلينى و27.5 ألف إسترلينى مقابل 2 فى الألف فى السوق المصرى وبحد أقصى 500 ألف جنيه.
كان حازم بدران، العضو المنتدب لبنك استثمار «التجارى الدولي»، قد صرح فى حوار سابق نشر فى سبتمبر الماضى «إن ما يخشاه أن يرى شركات مصرية بالكامل تقوم بالقيد لأول مرة فى إحدى البورصات الخارجية عبر تواجدها هناك وجاذبية هذه الأسواق من حيث سهولة الإجراءات وسرعتها والقدرة على الحصول على التمويل اللازم، وقتها لن نلوم إلا أنفسنا».
وقال إن البورصة المصرية كان أمامها فرصة ذهبية لأن تكون إحدى أكبر البورصات فى المنطقة والدخول للعالمية عبر السماح لقيد الشركات الأجنبية فيها، وتسهيل قواعد القيد، حيث وصل السوق فى عام 2007 إلى معدلات سيولة وربحية مرتفعة جداً كان يجب استغلالها.
ويعتقد «بدران»، أن من صنع بورصة لندن ليس الشركات الإنجليزية مثل «بريتش تليكوم»، ولكن قيد العديد من شركات الأسواق الناشئة من البلدان الأفريقية والعربية بها، والذى أكسبها شهرة عالمية مثل شركة «الحكمة فارما» الأردنية وشركة «سانتامين» وغيرهما من الشركات فى نيجيريا وغانا.