تطور كبير فى البنية التحتية والتشريعية
تراجع حاد فى التدفقات الأجنبية والمتعاملين وأعداد الشركات
شطب 530 شركة وأعداد الشركات المتداولة بالسوق تهبط %53
83 شركة تتقدم للقيد فى السنوات العشر الأخيرة و%72 منها يسقط فى منتصف الطريق
البورصة توفر 100 مليار جنيه زيادات فى رؤوس الأموال للشركات المقيدة
السوق المصرى يتراجع من «الوحيد عربياً» على مؤشر «MSCI» إلى الثالث ومهدد بالشطب
الحكومة مطالبة بتبنى البورصة كمؤسسة تمويل بديلة ومكافحة للفساد لإنقاذ القطاعات الاقتصادية
لم يكن تاريخ البورصة المصرية خلال السنوات العشر الماضية أقل إثارة وذهولاً من تاريخ الأمم والحضارات، ورغم أنها نشأت منذ أكثر من 130 عاماً، إلا أن السنوات الأخيرة حملت فى طياتها الكثير من الأحداث والدروس الشيقة التى لا يجب أن يغفلها أحد.
ترصد لنا تلك السنوات كيف تتبدل أحوال الأسواق بين عشية وضحاها، فتأخذ معها المستثمرين من الثرى إلى الثريا ثم تتهاوى فى الوقت الذى اكتملت لديها مقومات النمو وعوامل النجاح، إلا أن الوسائل لا تغنى أبدا عن الغايات، تلك الغايات التى نظرت إليها الحكومات المتعاقبة بعيون مُختلفة فصارت الحقيقة الراسخة -لدور البورصة- نسبية.
تأثر السوق بجميع عوامل ومؤشرات الاقتصاد الكلى من تضخم وعجز مالى وديون وغيرها، إلا أنه لم تتح له الفرصة ولو لمرة واحدة كى يبدى آثاره فى تلك المؤشرات، حتى شطب شركاته فى وقت وأُغلق أبوابه فى وقت آخر ولم يفكر مسئول واحد فى اختبار قدرة السوق على تمويل أحد المشروعات القومية، حتى صار راسباً فى اختبار لم يبدأه، بعد فهل تنجح السنوات المقبلة فى إثبات دور البورصة التمويلى للحكومة الحالية فيما فشلت فى أن تقنع به من سبقوها.
رغم ما شهدته السنوات العشر الأخيرة من تطورات كبيرة فى البنية التحتية والتشريعية لسوق المال المصرى، بدأت بالربط الإلكترونى بين البورصة المصرية وشركة مصر المقاصة فى عام 2005، وانتهت بربط الافصاح إلكترونياً مع 33 شركة مقيدة خلال العام الحالى، إلا أنها شهدت تراجعات كبيرة فى حجم وجاذبية السوق وتصنيفه سواء أكان عربياً أو عالمياً.
وتعانى البورصة المصرية تراجعات كبيرة فى تدفقات النقد الأجنبى وأعداد المتعاملين النشطين سواء لظروف خاصة بالسوق أو خارجة عن إرادته، مثل أزمة خروج العملة، أو لتغير فى وجهات نظر الحكومات المتعاقبة حول البورصة نفسها وكونها آلية فى تمويل المشروعات.
فى عام 2005 سجلت صافى تعاملات المستثمرين الأجانب سواء العرب أو غير العرب صافى شراء 6.5 مليار جنيه، تراجعت إلى 5.1 مليار جنيه فى 2006، إلا أنها عادت بقوة ووصلت لذروتها عام 2007، حيث سجلت خلاله 8 مليارات جنيه، ليعد أحد أفضل أعوام البورصة المصرية من ناحية الأداء بعد أن ارتفع مؤشر السوق الرئيسى بنحو %51، فضلاً عن متوسط التداولات اليومية الذى بلغ 1.4 مليار جنيه، وعدد المتعاملين النشطين أفراداً ومؤسسات.
تلت السنوات الثلاث الأولى 7 سنوات هى الأصعب فى تاريخ مصر والبورصة، بدءاً من الأزمة المالية العالمية التى اجتاحت جميع الأسواق عام 2008، وتأثرت خلالها البورصة المصرية بصورة كبيرة لتفقد نحو %61 من أعلى مستوياتها التاريخية عند 12024 نقطة، مغلقة عند مستوى 4710 نقاط، فيما سجل صافى تعاملات العام هبوطاً بنحو %56، تلتها أزمات دبى واليونان، إلا أن السوق استطاع التماسك والصعود بنحو %35 و%15 خلال أعوام 2009 و2010.
وجاءت ثورة 25 يناير عام 2011 لتعصف بالسوق من جديد، ويسجل ثانى أكبر خسائره فى التاريخ خلال عام بنحو %49.3 خلال 2011، عوض منها %51 من قيمة المؤشر فى 2012، أعقبتها خسائر السوق الكبيرة خلال النصف الأول من 2013 بسبب الاضطرابات السياسية، إلا أنه نجح خلال النصف الثانى من العام فى أن يكون أفضل البورصات فى العالم من حيث نسب الصعود ليسجل صافى تعاملات العام ارتفاعاً بنسبة %24.2. وقاد الاستقرار السياسى السوق لمواصلة الصعود خلال العام الماضى ليسجل ارتفاعاً بنحو %32.
خلال السنوات الماضية وبسبب تخلى الحكومة عن برنامج الخصخصة، أو الاعتماد على سوق المال فى تمويل المشروعات الاستثمارية للحكومة، شهدت البورصة تراجعات كبيرة فى عدد الشركات المقيدة برغم الطروحات التى قامت بها الشركات خلال تلك الأعوام، ليصل عدد الشركات المقيدة فى نهاية عام 2014 إلى 214 شركة فقط فى السوق الرئيسى، و33 شركة فى بورصة النيل، مقابل 744 شركة مقيدة فى عام 2005 من بينها 441 شركة يتم التداول على أسهمها.
من جانبه، قال إيهاب سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، إن تخلى الحكومة عن البورصة فى تمويل المشروعات وإعادة هيكلة الشركات الخاسرة من خلال طرحها فى البورصة ومشاركة الإدارة أضر بالسوق والاقتصاد معاً، حيث وفرت البورصة تمويلات بمليارات الدولارات خلال برامج الخصخصة واستطاعت جذب فئات جديدة من المستثمرين للسوق وساعدت العديد من شركات القطاع العام للتحول للربحية بسبب قواعد الإفصاح والشفافية والرقابة على أعمال الشركات، وكانت بينها شركتا «الكابلات الكهربائية المصرية» و«المصرية للاتصالات».
وطالب سعيد الحكومة بضرورة تبنى البورصة كمؤسسة تمويل بديلة ومكافحة للفساد لإنقاذ قطاعات عريضة من الاقتصاد المصرى، مثل الصحة والتعليم والنقل، مازالت تكبد ميزانية الدولة مبالغ باهظة وتحقق خسائر مع فشلها فى أداء وظائفها الرئيسية.
وتراجع عدد الشركات المقيدة رغم قيام البورصة بقيد نحو 83 شركة خلال تلك السنوات سقطت %72 منها فى منتصف الطريق، فلم تؤد عملية القيد لطرحها فى النهاية سواء لظروف الشركات أو بطء الإجراءات من جانب البورصة والهيئة، والتشريعات على جانب آخر حرمت الشركات المؤسسة فى سيناء من طرح أسهمها.
كما تراجع الوزن النسبى للبورصة المصرية فى مؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة من %2 إلى أقل من %0.27 بعد أن انخفض عدد الشركات المصرية المدرجة به من 5 شركات إلى شركتين فقط، لتحل مصر فى المرتبة الثالثة بين الأسواق العربية المدرجة فى المؤشر والتى كان آخرها الإمارات وقطر خلال العام الماضى، فضلاً عن أنها مهددة بالشطب من المؤشر بعد شطب «المصرية للاتصالات» مؤخراً منه واحتمالية شطب «جلوبال تليكوم» بعد تحقيقها خسائر متتالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
يأتى ذلك فى وقت يفتح فيه السوق السعودى الباب للمستثمرين الأجانب المؤهلين للدخول مباشرةً، ومن المتوقع أن تدرج فى مؤشر مورجان ستانلى للأسواق الناشئة خلال عام 2017، بوزن نسبى يزيد على %7.
فيما سجلت قيم تداولات السوق تطوراً سنوياً ما بين عامى 2005 و2008 لتصل إلى 102.8 مليار دولار، محتلة المرتبة الثانية عربياً خلال تلك الفترة، بدأت بعدها قيم التداولات فى الهبوط سريعاً لتصل بنهاية العام الماضى إلى 40.7 مليار دولار فقط بانخفاض %45.3 عن قيم التداولات فى 2005.
تقارير البورصة لا تكذب ولكن تتجمل
شهدت التقارير السنوية للبورصة المصرية على مدار السنوات العشر الماضية تجميلاً لأدائها والظروف المحيطة التى استطاع سوق المال تجاوزها بقوة سواء بأن يكون من أقل الأسواق خسائر أو تحقيق ارتفاع رغم التحديات التى يواجهها، وتركت التقارير بعض النقاط السلبية خلال كل عام، ثم تعود لتذكرها فى العام التالى لتفتخر بتحقيق نتائج أفضل على المستوى المقارن.
حيث انتقت البورصة فى إفصاحاتها عن عدد الطروحات فى الأعوام التى وجدت فيها، فيما تحول الحديث عن عدد الشركات المقيدة فقط خلال السنوات العجاف، ثم تأتى السنوات التالية لها لتفتخر البورصة بعودة الطروحات من جديد.
فضلاً عن انقطاع البورصة عن كشف أعداد المستثمرين النشطين الذين تزيد تعاملاتهم على 10 آلاف جنيه سنوياً بدايةً من عام 2010، واكتفت فقط بالإفصاح عن عدد الأكواد الجديدة فقط.
السوق يخطو كالسلحفاة لتفعيل المنتجات والآليات الجديدة
وقد عانت البورصة المصرية بطئاً شديداً فى تفعيل المنتجات والآليات الجديدة خلال السنوات العشر الماضية، قد يكون بسبب الأزمات والثورات التى مرت بها البلاد وتغيير إدارات البورصة عدة مرات، إلا أن هذا لا يبرر وصول الفترات الزمنية التى يستغرقها تفعيل تلك الآليات لثمانى سنوات فى بعض الحالات، ما أثر بلا شك على مستوى تنافسية البورصة المصرية مع الأسواق المجاورة.
بدأت شركة بلتون للاستثمارات المالية المطالبة بتأسيس صندوق مؤشرات عام 2007، وتلقت خلاله وعوداً من هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية بدراسة هذا المنتج والسماح بتفعيله فى أقرب وقت ممكن، وفى نوفمبر 2008 وقعت البورصة المصرية عقد تأسيس صندوق المؤشرات مع «بلتون»، وأكدت أنه سيتم ترخيص العمل بالصندوق قبل نهاية العام، وبعد هذا التاريخ بست سنوات وبالتحديد فى نوفمبر 2014 صدرت الضوابط المنظمة لصناديق الاستثمار من قبل هيئة الرقابة المالية، ليستغرق بذلك مولد صندوق المؤشرات ثمانى سنوات، وهى نفس الفترة تقريباً التى مرت بها الصناديق العقارية للخروج إلى النور.
كما استغرق مطلب الإسراع بالتسوية «T+1» أيضاً 8 سنوات للتفعيل، وتصاعدت النداءات به خلال عام 2007 دون أى استجابة طوال هذه السنوات، سوى الشهر الماضى عندما تولت هيئة الرقابة المالية مناقشة المقترح مع اللجنة الاستشارية لسوق المال والبورصة المصرية وشركة مصر للمقاصة، وتم الخروج حينها بالصيغة النهائية لتلك الآلية التى سيتم تفعيلها الخميس المقبل.
كما تصاعدت المطالب بضرورة تعديل ضوابط الشراء الهامشى للقضاء على ظاهرة الكريديت نهاية عام 2008، وفى عام 2011 وصلت أزمة الكريديت لذروتها بعد إغلاق البورصة المصرية لنحو 55 يوماً، والانهيارات التى شهدتها أسعار الأسهم حينها، ما أدى إلى قيام صندوق حماية المستثمر بتسليف الشركات للحد من تداعيات هذه الكارثة، ولم تنتهز البورصة الفرصة حينها للإسراع فى تعديل ضوابط الشراء الهامشى، والتى تم تعديلها فقط العام الماضى.
كما تطلب الأمر من البورصة نحو 5 سنوات لزيادة عدد ساعات التداول بنحو نصف ساعة فقط..على الجانب الآخر مازالت هناك آليات طالب السوق بها منذ 2006 ولم يتم تفعيلها إلى الآن، من بينها بورصة العقود، والاقتراض بغرض البيع «Short selling»، وتفعيل سوق ثانوى للسندات.
طرح «المصرية للاتصالات» عام 2005 جمع 2.5 ضعف قناة السويس الجديدة
من المفارقات التى شهدتها البورصة المصرية طرح شركة المصرية للاتصالات عام 2005، والتى استطاعت اجتذاب العديد من المستثمرين من أبناء الشعب المصرى والمتعاملين من المؤسسات والمستثمرين ذوى الملاءة المالية، حتى بلغ حجم تغطية الطرح الخاص 60 مرة بقيمة 116 مليار جنيه، فى حين تمت تغطية الطرح العام بنحو 10 مرات ليجمع الطرح حوالى 150 مليار جنيه تمثل أكثر من 2.5 مرة ما تم جمعه لمشروع قناة السويس الجديدة.
كانت الحكومة قد قامت خلال عام 2005 بطرح 3 شركات حكومية هى سيدى كرير للبتروكيماويات التى تمت تغطية الطرح العام الخاص بها نحو 34 مرة، بالإضافة للمصرية للاتصالات والإسكندرية للزيوت المعدنية «أموك».
أحجام وقيم التداولات تمرض ولا تموت
التعاملات تنهار بين مطرقة مستثمر طماع وسندان سمسار غير محترف وينقصه الوعى
ارتفاع السيولة حجر الزاوية لقيام البورصة بدورها التمويلى.. والأحداث الاقتصادية تزيد حدة المرض
تسهيل خروج الأجانب.. الدعاية للسوق.. البضاعة الجديدة و«T+1» أبرز الحلول لانهيار التعاملات
وصلت أحجام التداولات فى البورصة المصرية إلى حالة يرثى لها، لا تليق بعمر البورصة المصرية والإصلاحات السياسية والاقتصادية التى شهدتها مؤخراً.
ففى حين كانت الأسباب الظاهرة لضعف التعاملات، والممثلة ممثلة فى الظروف الاقتصادية السيئة التى مرت بها البلاد بدءاً من الأزمة المالية العالمية، حتى تداعيات ثورة يناير 2011، كانت الأزمة الحقيقية للانهيار السريع للتداولات هى نقص التوعية وثقافة الاستثمار فى البورصة من ناحية، ووقوع التداولات بين مطرقة طمع المستثمر وسندان لقمة عيش السمسار من ناحية أخرى، والتى باتت أحجام التداولات هى الضحية، فأصبحت جدران البورصة المصرية أشبه بـ «صاعق الناموس»، وأصبحت محافظ المتعاملين «عمرها قصير»، وبدأت قيم التعاملات فى التهاوى عام 2010 عندما سجلت 321 مليار جنيه بدلاً من 448.2 مليار عام 2009، ثم 148 مليار جنيه فى عام الثورة 2011، قبل أن ترتفع عام 2012 صوب 185 مليار جنيه، وتنخفض قليلاً إلى 162 مليار جنيه فى العام 2013، ثم تعاود الصعود تجاه 291 مليار جنيه خلال العام الماضى 2014.
ومنذ بداية العام الجارى حتى 18 مايو الماضى وتأثراً بأزمة الضرائب على الأرباح الرأسمالية تراوحت أحجام التعاملات بين 300 و400 مليون جنيه يومياً، وارتفعت لتصل إلى 400-600 مليون جنيه منذ تأجيلها.
وتعد السيولة أحد أهم العوامل التى ينظر لها المستثمرون الأجانب لتقييم الأسواق التى يستهدفونها، فضلاً عن أن توافرها يتيح للبورصة القيام بدورها الرئيسى فى توفير التمويل اللازم للشركات عبر زيادات رؤوس أموالها، وكذلك فى استيعاب الطروحات الجديدة التى توفر بضاعة جديدة بالسوق وتزيده عمقاً.
وأوضح خبراء سوق المال أن تغير الأحداث السياسية فى أى بورصة يؤثر على أدائها فى المقام الأول، إلا أنه لا يقتل التداولات بها، إلا إذا كانت تعانى فى الأساس من أمراض أخرى متأصلة، وأشاروا إلى أن حاجز المليار جنيه الذى كانت تدور حوله التداولات اليومية بالبورصة قبل حزمة الأحداث الأخيرة التى مرت بها، يمثل مشكلة كبيرة، فلم تكن تلك التداولات هى المشهودة والقوية التى يصعب كسرها، بل كانت هى سبب الانهيار السريع مع أى تخبطات اقتصادية أو سياسية، خاصة أنها لم تعتمد على تعاملات أفراد قوية مفترض أن يكونوا البنيان الرئيسى لدعم تداولات أى بورصة، مما يظهر أزمة انعدام ثقافة الاستثمار فى البورصة لدى الشعب المصرى، رغم نجاحه فى جمع مليارات الجنيهات فى أوقات قصيرة فى عدة مواقف مثل طرح المصرية للاتصالات وشهادات قناة السويس.
وساهم فى عزوف الأفراد عن التعامل فى البورصة الممارسات الخاطئة من عدد كبير من شركات السمسرة، فالمستثمر عندما يقدم على فتح محفظته فى إحدى شركات الوساطة أملاً فى عوائد تروى ظمأ انخفاض مستويات الدخول فى مصر، يصطدم بمستهدف تنفيذات شهرية للسمسار، والمعروف بـ «التارجت»، فسرعان ما تنهار أمواله، وتتفشى من بعدها السمعة السيئة للبورصة، وهو ما يفسر هروب سيولة تغطية اكتتاب الشركة المصرية للاتصالات، والتى بلغت 115 مليار جنيه.
ورأى خبراء سوق المال أن روشتة تعافى أحجام التداولات تتضمن تخفيف ضوابط خروج أموال الأجانب من السوق المصرى، والقيام بحملات دعائية سريعة للاستثمار بالسوق وعوائده، وتضمين مفهوم الاستثمار بالبورصة وأهميته فى المناهج الدراسية، فضلاً عن الإسراع فى التسوية بتطبيق «T+1» وتحفيز ضخ بضاعة جديدة فى السوق، كحلول لعودة السوق مرة أخرى لتداولاته المليارية.
«البورصة المصرية = سمسار حلنجى + مستثمر طماع»
هكذا وصف كريم هلال، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبى الإسلامى للاستثمار، ملخص أزمة شح التداولات وافتقارها إلى استثمارات الأفراد والمفترض ان تكون عماد وبناء أى بورصة متقدمة، مشيراً إلى أن التداولات تعرضت للقتل بين وسيط يفتقر إلى الاحترافية فى العديد من الشركات، وبين مستثمر طامع فى تحقيق أعلى عوائد من دون وعى بطرق الاستثمار المثلى التى تحقق له مستهدفه من عوائد مرتفعة، ولكن بمزيد من التأنى والوقت.
وأكد هلال أن الطبيعة الاستهلاكية للشعب المصرى تؤكد عدم افتقاره إلى الملاءة المالية اللازمة لضخ استثمارات بالبورصة، بل تكمن المشكلة فى تقصير الجهات المنظمة للسوق فى عملية توعية المواطنين على التحول إلى السلوك الادخارى، على ان يكون لسوق الأوراق المالية نصيب الأسد من تلك الاستثمارات.
أضاف هلال أن الجهات الرقابية والمنظمة لسوق المال هى المسئولة عن تلك الأزمة، بسبب تقصيرها فى نشر ثقافة الاستثمار فى البورصة والمطالبة بأن تدخل المناهج التعليمية فى المدارس والجامعات، وهو ما يحدث فى جميع البورصات المتقدمة.
وقال ياسر المصرى العضو المنتدب شركة «العربى الأفريقى» للوساطة فى الأوراق المالية، إن منظومة الاستثمار فى البورصة تحتاج إلى إعادة هيكلة كاملة، وبات المستثمر فيها بين مطرقة سمسار ينقصه الوعى والمسئولية الاجتماعية، وسندان مستثمر لا يمتلك الوعى اللازم بكيفية الاستثمار فى السوق.
فالأول غير مؤهل لمزاولة النشاط، وسط اختبارات رخصة شفهية، رغم حساسية مهمته وتأثيرها المباشر على محفظة العميل، والثانى غير ملم بأساسيات الاستثمار فى البورصة، فيهتم معهد الخدمات المالية التابع لهيئة الرقابة المالية بتقديم دوراته التدريبية إلى العاملين بالمجال، مع عدم وجود مثل هذه الدورات لتعليم المستثمرين أسس الاستثمار بالبورصة.
وأشار المصرى إلى أن العمل على دعم حرفية السمسار والقائمين على هذه المهنة مع توعية المستثمر، هو حل ضرورى، ولكنه سيستغرق وقتاً طويلاً، لذلك لابد من بدء العمل عليه فى الحال بالتوازى مع تنفيذ الحلول السريعة والمتمثلة فى حل أزمة السيولة الدولارية لتخارجات الأجانب ودعم السوق ببضاعة جيدة جديدة.
من جانبه، رأى شوكت المراغى، العضو المنتدب لقطاع الوساطة بشركة «إتش سى» للأوراق المالية والاستثمار، أن سمعة البورصة المصرية سيئة بين أوساط المواطنين، وأصبحت تختزل فى المكاسب السريعة من دون مجهود، بسبب مزيج من مستثمر منعدم الوعى وسمسار ينقصه الوعى.
أوضح المراغى أن بعض شركات السمسرة تتعامل مع العميل كالبقرة التى يتم حلبها، فيصب السمسار تركيزه فى بعض الشركات على تنفيذ أكبر قدر ممكن من عمليات البيع والشراء، لتحصيل أكبر عمولات، لأنها فى النهاية «لقمة عيشه»، وشدد المراغى على ضرورة التسويق للاستثمار فى البورصة مثلما تفعل البنوك، ففى كل الطرق نجد إعلانات عن جاذبية الادخار بالبنوك، بينما لا نرى أى ترويج للاستثمار فى البورصة رغم أنه الأعلى عائداً فى مصر.
وقال إن البورصة المصرية تفتقر إلى المنتجات الجذابة لجمهور المتعاملين، من شركات عملاقة وقوية مرفقة بتقييم معقول يمنح المستثمر مكسباً جيداً من وراء شراء أسهم تلك الشركات والبقاء فيها، علاوة على عدم إحلال شركات كبيرة محل نظيرتها التى تخارجت من البورصة بالسنوات الماضية، مثل «أوراسكوم للإنشاء».
واختصر أحمد أبوالسعد، العضو المنتدب لشركة الدلتا رسملة لإدارة صناديق الاستثمار، كيفية العودة بمعدلات التداول إلى المستويات المليارية، فى زيادة عدد الطروحات الجديدة بالسوق من شركات حكومية ذات خلفية جيدة فى أذهان المتعاملين المصريين، وشركات خاصة تمتلك برامج اقتصادية ناجحة من شأنها أن تكون منتجاً جذاباً لجمهور المتعاملين بالبورصة المصرية، مع حل أزمة خروج السيولة الدولارية للأجانب، وغلق ملف الضرائب نهائياً.
وشدد محمد دشناوى، المدير التنفيذى بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية، على أن السيولة هى كلمة السر فى قياس كفاءة البورصات والعمق فى التعاملات، مُشيراً إلى أن البورصات العالمية التى تمتاز بالعمق وارتفاع حجم السيولة سريعاً ما تتعافى بعد أى أزمات، لذا شدد على ضرورة معالجة أزمة شح التداولات عبر العمل على قيد شركات كبرى بها فرص استثمارية بأسعار حقيقية.
وقال إنه يتعين على إدارة البورصة المصرية، القيام بحملات إعلانية وإعلامية ترويجية للاستثمار فى البورصة، لشرح ماهية الاستثمار فى سوق الأوراق المالية، وكيفية جنى عوائد منها، مشيراً إلى افتقار ملايين المصريين إلى أدنى قدر من المعلومات المرتبطة بالبورصة.
أضاف انه بات على الحكومة سن تشريعات جديدة تسمح بزيادة دور صناديق التأمين الخاصة والمعاشات لضخ استثمارات جديدة فى شرايين البورصة المصرية.
وقال شريف طلعت، نائب الرئيس التنفيذى لقطاع الوساطة بـ«بايونيرز القابضة»، إن السيولة موجودة فى السوق المصرى، ولكن ثمة قلق بات ينتاب المتعاملون الأفراد من توجيه الجزء الأكبر من استثماراتهم بسوق الأوراق المالية، بسبب الخسائر المتتالية التى لحقت بهم لنقص الوعى بالاستثمار فى البورصة حتى أصبحت البورصة سيئة السمعة.
وشدد طلعت على ضرورة القيام بحملات إعلامية للتشجيع على ضخ استثمارات فى البورصة، والاستفادة من دورها التمويلى بعد ان وفّرت ما يقرب من 100 مليار جنيه فى آخر 10 سنوات تمويلاً للشركات.
أما محمد همام، رئيس شركة «سيجما» للوساطة فى الأوراق المالية، فربط عودة أحجام التعاملات لمستوياتها المليارية لاستقرار الشأن السياسى والاقتصادى المصرى، ومن ثم تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية على التدفق صوب السوق المصرى.