ما زال الكثيرون ينظرون إلى أفريقيا على أنها القارة التى ورثها المستعمرون، حيث عاشت معظم دولها سنوات طويلة تحت نير الاحتلال بينما هى تحررت منذ عقود من لصوصها البيض.
وهناك من ينظر إلى أنها تلك البقعة الفقيرة بينما هى فى الحقيقة مخزن الثروات الطبيعية للعالم من الألومنيوم إلى اليورانيوم، واسألوا الصين عن ذلك (%18 إنتاجها من اليورانيوم و%25 من الذهب عالمياً).
أما الفرد الأفريقى فلم يعد إنسان الغاب الذى تتصوره فى ذهنك، بعد أن تخرج فى الجامعة، وساهم فى الابتكارات العلمية والتكنولوجية، فدول جنوب صحراء أفريقيا وحدها يتخرج فى جامعتها سنوياً نحو 5 ملايين شاب وفتاة.
وقفت أفريقيا السمراء فى السنوات العشر الأخيرة تتحدى العالم بأكثر من 100 مليون شاب من سن 18 إلى 23 عاماً، بينما تمثل فئة الشباب 40 عاماً أكثر من %50 من سكانها، حيث باتت صاحبة أعلى معدلات تسارع للنمو بمتوسط نمو %5.5 لتكون هى السوق الناشئة الجديدة للعقد المقبل يتسابق إليها صائدو الصفقات.
تقدم القارة السمراء مناخاً استثمارياً لواحدة من أكبر سلاسل القيمة فى العالم فى أرض بكر يقسمها نهر النيل شطرين، منبعه فى الجنة ومجراه على أرضها.. هنا أفريقيا.. أرض الفرص المذهلة.
أفضل مكان للحصول على الذهب هو هناك، حيث عثرت عليه من قبل، وفى زمن الاستعمار للقارة خصوصاً فى دول جنوب صحراء أفريقيا أو ما يطلقون عليها أفريقيا السمراء جرت عملية استنزاف ممنهج لها وتحت صحوة الشعوب بدأت حركات التحرر تخلص بلادها رويداً رويدا من الاحتلال الغربى ومرت عقوداً طويلة للتخلص من آثار هذه الحقبة غير أن العقبة الأبرز كانت إيجاد سبيل للنهضتين الاقتصادية والاجتماعية.
وشهد العقد الأخير طفرة فى دول القارة السمراء بعد أن استطاعت كل بلد ان تكتشف الميزات النسبية لها وتعظم الاستفادة منها.
ففى نيجيريا تضاعف إنتاج البترول لتتفوق على جنوب أفريقيا التى استفادت من التقدم النسبى والبنية التحتية الهائلة التى خلفها نظام الفصل العنصرى الذى سيطرأ عليه البعض من أصول أوروبية وأمريكية بهدف استنزاف الموارد الطبيعية فى مجال التعدين التى باتت مورداً لتمويل نهضتها.
وفى الأعوام الأخيرة باتت أفريقيا أكثر جذباً للاستثمار الأجنبى فى عدة قطاعات بفضل ارتفاع مستوى المعيشة وزيادة القدرة الاستهلاكية للمواطن مع توقعات بزيادة الطبقة الوسطى بنحو 300 مليون نسمة بحلول 2030.
وفى الأسطر المقبلة نتعرف على أهم القطاعات الواعدة الجاذبة للاستثمار
استثمر فى القارة السمراء
1 – الأغذية والأنشطة الزراعية
يحمل قطاع المواد الغذائية والزراعة فرصاً كبيرة فى الفضاء أفريقيا لاسيما، ان هناك حاجة لإطعام أكثر من مليار شخص وتقدر الاستثمارات فى هذا المجال بمليارات الدولارات.
ويعتبر الإنتاج الغذائى فى مقدمة المشاريع الواعدة ومتنفس كبير لرجال الأعمال خصوصاً الحبوب والألبان وجميع أنواع المنتجات الزراعية الخام ونصف المصنعة لاتزال أفريقيا تستورد كثيراً منها، على الرغم من أن القارة لديها قدرة هائلة على إنتاجها.
وتتميز الاستثمارات فى القطاع الغذائى والزراعى بطول سلسلة القيمة عبر تنوع هائل من المنتجات ويتوقع تقرير نشره موقع «سمول استرتر» المتخصص فى المشروعات الجديدة فى أفريقيا أن رجال الاعمال لديهم فرصة لتحقيق ثروة ضخمة فى قطاع التصنيع الغذائى.
2 – التجزئة
يعد قطاع التجزئة أحد أهم مؤشرات التحسن الاقتصادى داخل البلدان الكبرى، ومنها الولايات والمتحدة والصين والبرازيل وجميعها يتمتع بتعداد سكانى كبير بما يوفر سوقاً واسعاً للمنتجات، لكن التفاوت بينها يخضع لقوة الاستهلاك فيها.
وبخلاف مليار نسمة أو يزيد هو تعداد السكان فى القارة الأفريقية فإن تنامى الطبقة الوسطى وارتفاع مستوى المعيشة ساهم فى ابتعاد سوق التجزئة تدريجياً عن سيطرة الدولة، حيث دخل القطاع الخاص مرحلة ازدهار غير مسبوقة وانتشرت المتاجر الكبرى بعضها ينتمى للفئة العالمية الى قلب العواصم السمراء بل وانفتح السوق أيضاً مع ارتفاع المستوى التعليمى إلى نمو كبير للتجارة الإلكترونية.
وتجدر الإشارة إلى نجاح المتاجر المحلية فى منافسة العملية، ومن هذه التجارب سلاسل سوبر ماركت «شوب رايت»، و«جيم» لعبة، و«لوورثس و»ناكومات»، وجميعها نجح فى افتتاح فروع له فى عدد من الدول المجاورة.
ومن النقط المضيئة فى العام الحالى لسوق التجزئة الأفريقية هو تصاعد تداول السلع على الإنترنت حيث تعد شركة «جوميا» واحدة من شركات البيع بالتجزئة الأسرع نمواً على الإنترنت أفريقياً، والآن تبلغ قيمتها أكثر من 500 مليون دولار مع وجود فى العديد من الدول الأفريقية بما فيها مصر وكوت ديفوار ونيجيريا، تعتبر الشركة حالياً بمثابة شركة أمازون الأفريقية وشركة أمازون عبارة عن موقع تجارة إلكترونى أمريكى يسيطر على حصة كبيرة فى السوق الدولى لهذا المجال.
وتعتبر %5 نسبة تجارة الإنترنت من إجمالى تجارة التجزئة فى القارة رقماً ضئيلاً، لكنه يؤكد أن هناك مجالاً كبيراً للحصول على فرصة لتحقيق ثروة اذا نجح رجل اعمال فى الدخول الى هذه الساحة الواحدة.
ووفقاً لأحدث الأبحاث الدولية تعد رواندا ونيجيريا وناميبيا وتنزانيا والجابون أفضل أماكن توفر فرصاً كبرى للربح فى قطاع البيع بالتجزئة فى أفريقيا.
3 – صناعة المنسوجات ومستحضرات التجميل
يعتبر المجتمع الأفريقى شاباً، حيث تعد النسبة الأكبر من سكانه ينتمون لفئة الشباب العمرية، وهو أفضل سوق لمنتجات الملابس ومستحضرات التجميل، نظراً لأنها فى قلب اهتمامات جيل اكثر انفتاحاً على العالم وتطلعا للحياة العصرية.
وتشهد السوق المحلى منافسة ساخنة فى جميع أنواع المنسوجات بما فى ذلك الأقمشة المصنوعة محلياً والماركات المستوردة، نظراً لتزايد ظاهرة التوسع السريع فى المناطق الحضرية فى أفريقيا على حساب الريف.
وتمتلك أفريقيا المئات من النجوم الصاعدة الذين يبنون الأعمال الناجحة فى صناعة الملابس ومستحضرات التجميل وتعتبر سوزى ووكابى واحدة من رائدات الأعمال فى مشاريع أفريقيا، والتى اقتحمت سوق مستحضرات الجمال والعناية الشخصية، وهو القطاع الذى تسيطر عليه الشركات الدولية العملاقة مثل شركة يونيليفر، وشركة بروكتر أند جامبل، لوريال ومارى كاى وقد بدأت مشروعها الذى حمل اسم «سوزى بيوتي» منذ نحو 7 سنوات فى كينيا، حيث أصبحت ناجحة بشكل كبير.
وتقدم «كونمى اوتيتجو» نموذجاً آخراً للنجاح فى مجال السلع الفاخرة، حيث أطلقت مشروعاً طموحاً تحول علامة تجارة رائدة معروفة باسم «مينكو» فى نيجيريا، حيث توفر للشباب منتجات الجلود والحقائب ذات جودة عالية مصممة باستخدام خامة نسيج معروفة بـ «اسو-أوكى»، بالإضافة إلى ملابس منسوجة يدوياً على النول بيد سكان «يوروبا» فى نيجيريا المشهورين بمهارة الصناعة اليدوية لتصبح تصاميمها أهم مكونات المتاجر الراقية فى نيجيريا.
ويمكن لرجال الاعمال الرائدين تاريخياً فى هذا المجال، أن يتحركوا لدول أفريقية تقدم فرصاً للربح بمليارات الدولارت سواء بالتصدير إليها أو إنشاء متاجر فيها أو حتى إنشاء مصانع بداخلها تُباع محلياً، وتكون مركزاً تصديرياً ثانوياً للدول المحيطة.
4 – عقارات
كيف تستثمر وتكسب المال فى سوق العقارات الساخن فى أفريقيا؟
فرغم النمو الهائل لسوق العقارات السكنية والتجارية على حد سواء، إلا أنها لاتزال تحمل فرص نمو غير محدودة، نظراً للطفرة المتأخرة التى تواكب طلباً متنامياً بشراهة فى جميع أنحاء القارة، ومع ذلك هناك نقص كبير فى الاستثمارات المتاحة.
ففى بلد مثل نيجيريا، يُتاح أكثر من 16 مليون منزل جديداً سيتم بناؤها لحل مشكلة الإسكان الخطيرة بتكلفة تقديرية 350 مليار دولار على الأقل.
وتعتبر الفرص المتاحة فى سوق العقارات فى أفريقيا ذات عائد استثمار كبير فى الأراضى والعقارات، نظراً لارتفاع الأسعار بمعدلات سريعة، كما أن هناك إمكانية تحقيق ربح كبير فى تطوير الإسكان المتوسط والمنخفض والمبانى المخصصة للمكاتب سواء بالبيع أو الإيجار.
5 – الإنترنت والتكنولوجيا
يعيش قطاع الإنترنت والتكنولوجيا أجواء احتفالية، حيث تنتشر محاور مراكز التقنية وحاضنات الابتكار فى جميع أنحاء القارة من أكرا عاصمة غانا إلى لاجوس عاصمة نيجيريا «فجوهانسبرج» فى جنوب أفريقيا ونيروبى فى كينيا بعد ان تحولت بالفعل إلى «وادى التكنولوجيا» الذى يضم أفضل المبتكرين ورواد الأعمال التقنية الأفارقة على الإطلاق.
ففى العام الماضى سيطر خبر الاستحواذ على «سايا» عناوين الصحف وهو تطبيق رسائل للهاتف المحمول أسسه اثنان من رجال الأعمال الشباب من غانا.
ونجح هذا التطبيق البسيط للهواتف منذ ظهوره فى 2011 فى ان يحل محل الرسائل النصية وانطلق فى دول غرب أفريقيا حتى انه وصل الى الهند.
ويعد تطبيق «سايا» مجرد قصة من بين العديد من تجارب النجاح فى قطاع الإنترنت والتكنولوجيا فى أفريقيا، حيث بات الابتكار فى هذا المجال أهم متنفس لرجال الأعمال الأفارقة لتقديم حلول للمشكلات والتحديات فى القارة بداية من خدمات سيارات الأجرة الى أنظمة الدفع بواسطة الهاتف المحمول الى خدمات التوصيل بالدراجة البخارية وتزخر القارة بابتكارات التكنولوجيا والمشروعات الإبداعية الواعدة.
6 – الثروة الخضراء
تنمو شهية المجتمعات فى العالم كله للمنتجات الخضراء ويزداد الإقبال من الحكومات قبل القطاع الخاص على الاقتصاد صديق للبيئة بسرعة فائقة، نظراً للمخاطر المحدقة بالبشر جراء التغيرات المناخية، فالحلول لأزمات مرتبطة بالحاجة الى المحافظة على البيئة تزداد مثل النفايات والتلوث، حيث تمثل هذه الحلول فى حد ذاتها فرصاً استثمارية عظيمة فى القارة الافريقية التى مازالت فى بداية المشوار وكل من يدلى بدلوه فيها سيسهم بكل تأكيد فى سريان النهر.
ومن أهم المشروعات الناجحة تلك التى ارتبطت بإعادة تدوير القمامة والسلع القديمة، فضلاً عن مشروعات الطاقة الشمسية لما تتمتع به القارة من فترات سطوع كبيرة، ووقوع العديد من دولها فى منطقة المدار الاستوائى.
وتحتاج القارة استثمارات بمليارات الدولار فى مختلف المشاريع الصديقة للبيئة وبالتأكيد فان العائد فى هذا السوق أمامه عشرات السنين قد تتباطأ سرعة نموه.
7 – مواد البناء
تمر أفريقيا بطفرة فى قطاع البناء، وهى الفرصة التى بالتأكيد سوف تخلق الكثير من الثروة لرجال الأعمال، فإنه ليس من المستغرب أن أغنى رجل فى أفريقيا، أليكو دانجوت ويعد واحداً ممن استثمروا بكثافة فى قطاع الأسمنت أهم عنصر فى مواد تشغيل مشاريع البناء والتشييد سواء كانت منازل أو مبانٍ أو طرق وجسور، حيث كانت دول القارة تنفق مليارات الدولارات لاستيراده، لكن ليس بعد الآن لان دانجوت ومنتجين آخرين للأسمنت مثل «لافارج» الفرنسية تنتشر بسرعة فى مختلف أنحاء المنطقة.
ويعد الأسمنت هو مجرد مثال واحد من عدة مواد للبناء والتشييد التى ينمو الطلب عليها فى جميع أنحاء أفريقيا، فالطلب على الصلب أيضاً يعد من أهم الفرص التجارية التى تضمن مليارات الدولارات كأرباح سنوية فيما يفوق ربما الأسمنت.
أما الأخشاب ومواد الأسقف والزجاج والدهانات والسباكة ولوازم الكهرباء، وغيرها من المنتجات فجميعها يتمتع بارتفاع طلب رهيب لا يجد حالياً من يوفيه.
8 – الخدمات المالية
مثل باقى المناطق النامية الأخرى فى العالم تعد الأنشطة المصرفية، وأنظمة الدفع والخدمات المالية الشاملة أفريقيا من بين أقل القطاعات تطوراً فى العالم.
فأكثر من %50 من الأفارقة لايزالون لا يستطيعون الوصول للخدمات المالية الرسمية وعدد هائل من المعاملات لايزال يتم عن طريق الدفع النقدى.
وتقدم أفريقيا فرصة فريدة لكسب المال فى سوق الخدمات المالية فرجال الأعمال الذين يمكنهم توفير حلول بسيطة وسهلة ومريحة سوف تكافأ بشكل جيد.
9 – الاستثمار
مع تباطؤ النمو الاقتصادى فى أمريكا الشمالية وأوروبا، تتدفق المزيد من الاستثمارات على المناطق الناشئة مثل أفريقيا بسرعة بحثاً عن عائدات أعلى، وهو ما يجعل المزيد من المستثمرين يتطلعون الآن إلى الدخول الى السوق السمراء سواء كنت تخطط لتحويل الأموال الى أسواق الأوراق المالية فى أفريقيا أو الاستثمار مباشرة فى الشركات الناشئة وجميعها تمثل احتمالية للحصول على عائدات عالية لم تتكرر.
وقد أعلن نهاية العام الماضى الملياردير النيجيرى، تونى اليوميلو، أنه ملتزم باستثمار 100 مليون دولار فى الشركات الناشئة فى أفريقيا والمشروعات الرائدة على مدى السنوات الـ10 المقبلة، وتمثل هذه المبادرة واحدة فقط من عدة مبادرات استثمارية طموحة من شأنها أن تخلق فرصاً هائلة وثروة لرجال الأعمال الذين يمكنهم استغلال ذلك.
ويشهد السوق الأفريقى حالياً بداية لتجمع انطلاقة قوية تقوم على اتجاه ملحوظ من تزايد مشروعات مشتركة لشركات رأس المال الاستثمارية ومنصات تمويل للمشروعات الجديدة مخصصة لسوق الاستثمار الأفريقية كثير منها بدأ العمل العام الجارى، والحقيقة أنه لم يكن هناك وقت أفضل من ذلك للاستثمار فى مستقبل أفريقيا.
كيف تكسب المال فى أفريقيا؟
أفريقيا هى أرض الفرص التجارية المذهلة، وقصص النجاح التى نسردها خلال الأسطر المقبلة لاناس عاديين مثلنا تثبت أن هناك العديد من الطرق لكسب المال فى أفريقيا.
العجيب أن البعض مازال يستخدم وصف القارة الفقيرة عندما يتحدث عن أفريقيا كيف يمكن أن يكون ذلك؟ ففى كل مكان تنظر إليه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ترى فرصاً لكسب المال التى لم تكن موجودة أو يتم التغاضى عنها بسهولة فى أجزاء أخرى من العالم.
ومع ذلك، فإنه من المستغرب أن كثير من الناس مازالوا لا يرون منجم الفرص فى أفريقيا، بما فى ذلك الأفارقة أنفسهم.
لكن ولحسن الحظ، هناك عدد متزايد من رجال الأعمال الذين يستغلون بالفعل الفرص التجارية المربحة فى القارة ومفتاح نجاحهم هو رؤية الأشياء بشكل مختلف تماماً عن بقية الناس.
وتقوم فلسفة معظم هذه المشاريع على أن هناك مشكلات، تواجه المشاريع والفرص المحتملة، لكن بينما يشكو هؤلاء من التحديات التى يواجهونها هناط آخرون يبتكرون مشاريع عبارة عن خلق الحلول لهذه المشكلات ويجنون منها المال أيضاً.
فى هذ الملف نطلع على بعض من قصص النجاح لرجال الأعمال والشركات فى أفريقيا التى بدأت من الصفر وحققت نجاحاً ملحوظاً من بين ما جاء فى كتاب «101 طريقة لكسب المال فى أفريقيا» لمؤلفه البروفسير «جون بول لويوها».
ويقول بول فى عرضه لفكرة كتابه، إن قصص النجاح الملهمة تثبت أن هناك العديد من الطرق لكسب المال فى أفريقيا، فإذا كنت مصمم بما فيه الكفاية، فيمكنك أن تصنع أنت أيضاً قصة نجاح تغيير حياتك!
استكشاف بعض هذه التجارب واختبار طرقها أمر مثير للاهتمام قد يفتح باباً لكسب المال فى أفريقيا.
-1 سولريبلز (إثيوبيا)
نشأت «بيت لحم تيلاهون اليمو»، 34 عاماً، فى قرية زينباورك إحدى القرى الفقيرة فى ضواحى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا.
وقالت، إنها حصلت على فكرة مشروعها من ملاحظتها لأن معظم الحرفيين فى مجتمعها ممن يصنعون الأحذية الجميلة بدون وظيفة وفقراء.
وتمتلك اليمو اليوم شركتها، «سولريبلز»، التى باتت واحدة من العلامات التجارية للأحذية الأفريقية الأكثر شعبية والأسرع نمواً فى العالم، حيث إنها تبيع علامتها التجارية الصديقة للبيئة من الأحذية فى أكثر من 50 دولة من بينها الولايات المتحدة وكندا واليابان وسويسرا.
وتعتبر أحذية هذه الماركة فريدة من نوعها لأنها %100 من صنع اليد باستخدام مواد محلية المصدر جرى إعادة تدويرها مثل إطارات السيارات القديمة ومنسوجات مصنوعة من خامات عضوية مغزولة يدوياً.
وقبل بضع سنوات، أصبحت «سولريبلز» شركة الأحذية الأولى فى العالم التى تعتنى اعتمادها من قبل منظمة التجارة العادلة التى تعنى بالمشروعات التى تسهم فى محاربة الفقر ضمن جهودها لتجنب الآثار الجانبية لتحرير التجارة العالمية وتحقيق العدالة بين الأطراف المعنية.
بنت «بيت لحم» التى تحمل اسم المدينة المقدسة عند المسيحيين فى فلسطين مشروعها على تشغيل الحرفيين المحليين، لتصبح علامة تجارية عالمية لها مشروع تجارى ناجح بشكل كبير ساهم فى خلق فرص عمل وتحسين سبل العيش فى مجتمعها المحلى.
بدأت الشابة السمراء العلامة التجارية العالمية بإطلاق مشروع فى عام 2004 برأسمال أقل من 10 آلاف دولار جمعتها من أفراد عائلتها واليوم أصبحت شركتها تضم أكثر من 100 موظف ونحو 200 مورد محلى للمواد الخام المحلية، وفتحت العديد من منافذ البيع بالتجزئة المستقلة فى أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا.
على الرغم من بداياته المتواضعة جداً، إلا أنها تحقق مبيعات سنوية بما يصل إلى مليون دولار ووفقاً لتوقعات «بيت لحم» وخطط التوسع، فإن الشركة يمكنها تحقق مبيعات 10 ملايين دولار بحلول العام المقبل.
ومدعومة بنجاحها أطلق بيت لحم مؤخراً مشروعاً جديداً يحمل اسم «جمهورية الجلود» المتخصصة فى تجارة المنتجات الجلدية الفاخرة مثل الحقائب والأحزمة، وغيرها من الاكسسوارات الجلدية بخلاف الأحذية.
وقد تم اختيار بيت لحم باعتبارها القيادات العالمية الشابة لعام 2011 فى المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس الذى عقد فى سويسرا، وكانت هى الفائز فى حفل توزيع جوائز أفريقيا للريادة فى العام نفسه.
-2 عصير أفريقى فيليكس (سيراليون)
تعتبر قارة أفريقيا واحدة من أكبر منتجى الفواكه فى العالم، ولكن نظراً لسوء التجهيز والتخزين، يضيع جزءاً كبيراً من ثمار حصادها كل عام.
وفى بعض البلدان، فإن هذا الوضع من السوء فى التعامل مع الفواكه ومركزاتها يؤدى بها إلى استيرادها من الخارج، على الرغم من وفرتها محلياً.
فعلى سبيل المثال، هل تعلم أن نيجيريا، التى تنتج البرتقال بكميات كبيرة، لاتزال تنفق أكثر من 140 مليون دولار لاستيراد مركزات البرتقال لتصنيع عصير الفاكهة؟
فى غرب أفريقيا، نشأت شركة فى سيراليون تستغل بالفعل إمكانية تحقيق أرباح وافرة من الفواكه.
وتنتج شركة عصير أفريقيا فيليكس ومقرها فى سيراليون مركزات من المانجو والأناناس التى يتم حصادها فى جميع أنحاء البلاد.
تشترى الشركة المانجو من أكثر من 4000 فلاح من صغار المزارعين فى سيراليون، حيث تجمع الفواكه فى منشأة معالجة لها، حيث يتم معالجتها عن طريق الفرز ثم الغسل والعصر للحصول على مركزات العصير، المكون الرئيسى لصنع عصائر الفاكهة.
وعن طريق شراء الفواكه من صغار المزارعين، وخلقت الشركة قيمة مضافة بملايين الدولارت من المانجو الذى كان يتعفن بعيداً ويذهب سدى كل عام.
ويتم تصدير مركزات المانجو وعصير الأناناس التى تنتجها الشركة بشكل رئيس إلى أوروبا، حيث يتم استخدامها لصنع عصائر الفاكهة ونكهات تصنيع المواد الغذائية، وكانت هذه المركزات أول سلعة تصدير رئيسية من سيراليون عقب انتهاء الحرب الأهلية المدمرة منذ ما يقرب من عشر سنوات.
-3 تاكاموتو للغاز الحيوى (كينيا)
فى البداية أشار التقرير إلى أن هناك فرصة لكسب المال مع أى شئ فى أفريقيا، ولم يكن ذلك مجرد مزحة.
أسس فى مارس 2011 شركة «تاكاموتو» فريق من الأمريكيين والكينيين، لإنتاج الغاز الحيوى بنظام يسمح لمربى بقر إنتاج الحليب فى الريف بتحويل روث البقر إلى وقود نظيفة ورخيصة وهو الغاز الحيوى، الذى يستخدم لأغراض الطهى والإضاءة والتدفئة.
قامت شركة «تاكاموتو» بتوفير دفع الاستحقاقات أولاً بأول مقابل حصول العملاء على الغاز الحيوى، حيث يدفع المزارعون الصغار وهم معظم الزبائن رسوم رمزية لتثبيت نظام الغاز الحيوى، ومن ثم دفع أقساط شهرية صغيرة، لأنها تستخدم الغاز الحيوى.
وتراقب الشركة نظام الغاز الحيوى من خلال خاصية جى أس أم التى ترسل المعلومات بشأن الحفاظ على وحدة التشغيل وسداد الفوايتر، وبالإضافة إلى نظام الغاز الحيوى، توفر الأجهزة المنزلية التى تعمل بالغاز الحيوى واعتباراً من أول يناير عام 2014 استفاد 100 مزارع فى كينيا من المشروع.
وتشير التقديرات إلى، أن هناك حوالى 2 مليون من صغار المزارعين من منتجى الألبان فى كينيا الذين يطبخون بالوقود غير الصحى أحد أهم أسباب الوفاة المبكرة فى افريقيا، فضلاً عن تكلف حطب الوقود والفحم النباتى المرتفعة.
وتوفر شركة «تاكاموتو» بديلاً للطاقة فعال ومناسب للمجتمعات الريفية، وتحفظ فى الوقت نفسع موارد الغابات، ويولد المال فى الوقت نفسه.
-4 سيمبلباى (نيجيريا)
بالمقارنة إلى بقية العالم تنتمى أنظمة الدفع فى أفريقيا إلى حد كبير الـ«المدرسة القديمة» فمعظم المعاملات لاتزال تتم نقداً، وهو أمر لا يمكن أن يكون مريحاً بالمرة.
لاحظ «شيمون اونونوبى»، أن التجار فى نيجيريا يدفعون تقريباً 3000 دولا، لكى يكونوا قادرين على قبول المدفوعات عبر الإنترنت وفى ذلك الوقت لم تكن خدمة «باى بال» متاحة للمستخدمين فى نيجيريا، ومعظم أفريقيا وهى أكبر منصة للدفع فى العالم.
لذلك، فى يناير 2013، أطلق شيمون خدمة سيمبلباى وهى محفظة مالية على شبكة الإنترنت والمحمول التى تتيح للمستخدمين بسهولة الدفع مقابل نحو150 خدمة مختلفة مثل إعادة شحن الهاتف المحمول واشتراك المحطات التليفزيونية والضرائب، والرسوم المدرسية والتبرعات الكنيسة.. إلخ.
وتتكلف الاشتراك فى الخدمة دولار واحد للتسجيل ووهو اقل بكثير من تكاليف باهظة من بوابات الدفع الإلكترونى، فضلاً عن التعامل غير الآمن مع بطاقة الائتمان بسبب تسجيل بياناتها على مواقع الانترنت المتعددة.
ويطلق الخبراء على «سيمبلباى» «باى بال» نيجيريا وتضم حالياً أكثر من 10 آلاف مستخدم مسجلين معظمهم من التجار وأكثر من 30 ألف من المستخدمين غير المسجلين.
فى بلد مثل نيجيريا تعتبر تاسع أكبر دولة من حيث مستخدمى الإنترنت بأكثر من 60 مليون شخص تبدو آفاق النمو كبيرة للمستثمرين فلا عجب أن سلسلة من المستثمرين المحليين والدوليين يتنافسون ليكون لهم حصة فى سوق قد يجعلهم أكبر منصة دفع فى أفريقيا.
بعد فترة وجيزة من تأسيس الشركة، اقترض 300 الف دولار من مؤسسة سيدستار وورلد السويسرية المتخصصة فى تمويل توسعات المشروعات، مما يؤكد أنه يسير على الطريق الصحيح، ويسعى حالياً للحصول على قرض بقيمة 10 ملايين دولار لدعم خطته لزيادة عدد المشتركين لديها إلى 16 مليون نسمة العام المقبل.
-5 مدارس أوميجا (غانا) ومدارس بريدج إنترناشيونال (كينيا)
وصل مستوى ونوعية التعليم فى أجزاء كثيرة من أفريقيا إلى حالة سيئة، ففى قارة مع أكثر من %50 من شعبها تحت سن 25 عاماً يوجد واحد من بين كل ثلاثة أطفال خارج المدرسة، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 60 مليون طفل أفريقى قد يصل إلى مرحلة المراهقة وهو يفتقر إلى حتى مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية.
ولكن هل من الممكن توفير التعليم للفقراء وجنى المال أيضاً؟
-6 على ما يبدو أنه ممكن.!
نجحت شركتان تهدفان للربح وهما مدارس أوميجا فى غانا ومدارس بريدج إنترناشيونال فى كينيا فى تغيير وجه التعليم فى أفريقيا من خلال نموذج مدارس التعليم الابتدائى منخفضة التكلفة بطريقة مبتكرة وفعالة للغاية لتصبح من الشركات ذات النشاط المجتمعى الناجح وحصلت على العديد من الجوائز عن الأثر الاجتماعى المتميز.
وتقدم سلسلة مدارس أوميجا، ومقرها فى غانا، تعليم خاصة منخفض التكلفة فى مرحلة التعليم الابتدائى الأساسى لأطفال الأسر الفقيرة مقابل رسوم منخفضة بشكل لا يصدق وبأسعار معقولة أقل من 1 فى اليوم لكل طالب.
وعلى الطراز نفسه، تأسست مدارس بريدج انترناشونال فى كينيا لتقديم التعليم للأطفال فى شرق أفريقيا بأقل من 5 دولارات شهرياً لكل طالب.
قبل بدء هذه الأعمال المدهشة، وكان يعتقد أنه من المستحيل تعليم الفقراء والحصول على الربح أيضاً، لكن التجربة العملية أكبر دليل، حيث تضم اوميجا وبريدج فى فصولها نحو 200 ألف طفل فى شرق وغرب أفريقيا.
-7 «هلفتيك» لمقاولات الطاقة الشمسية (تنزانيا)
تلقى شاباً عمره 19 عاماً قرضاً من والدته لإنشاء مشروع خاص به منذ 10 سنوات فبدأ فى بيع الهواتف المحمولة صينية الصنع، ولكن بعد ذلك اكتشف أنه ليس هناك سوى نسبة ضئيلة من التنزانيين الذين يشترونها، نظراً لعدم وفرة الكهرباء لذلك كان لديه فكرة عن الأعمال التى يمكن أن تملء هذه الفجوة.
ففى تنزانيا، كما هو الحال فى أجزاء كثيرة من أفريقيا، تتوافر الطاقة الشمسية، ولكنها غير مستخدمة إلى حد كبير فقرر «باتريك نجاوى» لبدء نشاط تجارى من شأنه أن يسخر طاقة الشمس لتوليد الكهرباء للملايين من الأسر، خاصة فى المناطق الريفية.
واصل السفر إلى الصين، ولكن بدلاً من الهواتف المحمولة انه اشترى أنظمة توريد وتركيب الطاقة الشمسية، وأسس شركته لمقاولات الطاقة الشمسية «هلفتيك» وقام بتركيب أكثر من 6000 وحدة صغيرة من أنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح فى تنزانيا وأربع دول أخرى فى شرق أفريقيا – كينيا وأوغندا ورواندا وبوروندى.
على الرغم من أن الطاقة المتجددة تشكل نحو %1 من مصادر الكهرباء فى تنزانيا، فإن باتريك يفتخر بالفعل أن له عملاء رفيعى المستوى مثل الأمم المتحدة والحكومة التنزانية ومنظمة الرؤية العالمية والجيش التنزانى، فحتى الآن، قامت شركته بتركيب عدد من أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية فى المؤسسات الحكومية والعديد من مشاريع الأمم المتحدة بما فى ذلك المدارس والمستشفيات والفنادق.
فى عام 2013، تخطت إيراداته أكثر من 5 ملايين دولار، وبلغت قيمة شركته 15 مليون دولار ليصبح من بين 10 مليونيرات صغار العالم التى ترصد تجربتهم مجلة فوربس للأغنياء فى العالم وضمن اكبر 100 شركة متوسطة فى أفريقيا فى تنزانيا 2012.
أعد الملف: ربيع البنا