اختفى %20 من غابة الأمازون الأكبر فى العالم لصالح زراعة طعام الحيوانات لتتحول إلى لحوم بينما مليار إنسان يعتمدون على الفحم، وهم ثلث سكان العالم لتوليد الطاقة، وفى مدينة مثل لوس أنجلوس الأمريكية يقترب عدد السيارات من عدد السكان، وفى كل مكان تدور الآلات حيث يحفر الانسان بحثًا عن المعادن والخام.
وعلى سطح الأرض يحرق الإنسان 10 مليارات برميل بترول سنويًا، وتريليونات من وحدات غاز مماثلة وهو فى الحقيقة منذ أن جاء إلى الأرض يحرق نفسه.
وجاءت مسودة اتفاقية التغير المناخى فى باريس تتويجًا لجهود امتدت لأكثر من عقدين رغم ما بها من قصور وشكوك فى وعودها من أجل إنقاذ البشرية من الفناء تحت انقاض كوارث بيئية كالأعاصير وذوبان الجليد، ومن ثم ارتفاع مستوى مياه البحار لتغرق تحتها ملايين المدن والبشر فى المناطق الساحلية.
ويتطلب نجاح الاتفاق العالمى الحكمة فى التصرف، والاعتدال فى استخراج واستهلاك الطاقة، والتعاون من الرياض إلى مدريد وصولًا إلى داكار لتقديم مستقبل أفضل لهذه العائلة البشرية.
والأهم من ذلك، أن الاتفاق يرسل رسالة واضحة للمستثمرين فى كل مكان مفادها أن إغراق المال فى الوقود الأحفورى هو رهان ميت والطاقة المتجددة هى مركز الربح، والتكنولوجيا هى السبيل الأوحد لنصل إلى %100 من الطاقة النظيفة التى ستكون صانعة المال فى المستقبل.
لم يعد الهدف إطعام 9 مليارات نسمة ، لسنا متأكدين حاليًا من أننا قادرون على الوفاء باحتياجاتهم بل بات العالم يطمح فى تنفيذ كل طرف بوعوده ليتم تسخير الجهود كافة للإبحار بشراع الإنسانية المشتركة، عبر المحيطات والأنهار والبحيرات التى تفرق بين الشعوب لتقديم مستقبل أكثر جمالًا وأمنًا لأطفالنا. غادرت الوفود سيرك باريس، ولا ينقصنا الآن سوى الحكمة والاعتدال والتعاون.
5 قرارات رئيسية لاتفاق الأمم المتحدة للمناخ فى باريس
تحديد سقف لارتفاع درجة حرارة الأرض أقل من 2 درجة مئوية ورفع مستويات تمويل الدول الفقيرة بحلول عام 2025
صدرت وثيقة من 31 صفحة عن قمة باريس تضم اجرأ الخطوات لكبح ظاهرة الاحتباس الحرارى حتى الآن وفيما يلى نستعرض أهم النقاط الرئيسية:
1 – درجة الحرارة والأهداف طويلة الأجل
يدعو نص الاتفاق الدول للعمل على وضع حد أقصى لارتفاع درجات الحرارة العالمية بالمقارنة بالعصر ما قبل الصناعى إلى 2 درجة مئوية، ويقر النص على ضرورة السعى للتوقف عن 1.5 درجة، وهو مطلب رئيس من أكثر البلدان عرضة لارتفاع درجات الحرارة، بما فى ذلك الدول الساحلية المعرضة للخطر نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحار.
وسوف تحد الدول من الانبعاثات فى أقرب وقت ممكن لتحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية بحسب مصادرها وإزالتها بواسطة أدوات طبيعية مثل الغابات التى تمتص الغازات المسببة للاحتباس الحرارى.
كما يقول النص إنه بحلول النصف الثانى من القرن الحالى يجب الوصول إلى التوازن عند نقطة الصفر بحيث تتعادل الانبعاثات مع عملية التصريف وهذا يعنى استخدام الأراضى والغابات والزراعة التى هى الآن اصلا مسئولة عن %25 من الانبعاثات تقريبا بحسب الدن ماير خبير فى اتحاد العلماء المهتمين.
ويعنى هدف الـ2 درجة ضرورة خفض الانبعاثات ما بين %40 و%70 بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات عام 2010، التى هى كبيرة بالفعل، كما يقول اوتمار ادينهوفر، كبير الاقتصاديين فى معهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية بالقرب من برلين، والمؤلف الرئيسى لدراسة تقييم تابعة للأمم المتحدة للتأثيرات الاقتصادية المناخية.
2 – آلية للمراجعة
ينص الاتفاق على وجود آلية للمراجعة، فلتشجيع جهود أكثر طموحا، فإن البلدان بحاجة إلى تحديث تعهداتها للحد من التلوث بحلول 2020 ثم يتكرر ذلك مرة كل خمس سنوات وتأتى أهمية ذلك لأن الخطط المقدمة حتى الآن من قبل 186 دولة من شأنها أن تضمن وضع حد أقصى لارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 2.7 درجة فى أحسن الأحوال.
وتقدم الدول تحليلًا دوريًا للتقدم الجماعى نحو تحقيق هدف اتفاق باريس، ومن المنتظر مراجعة أول مؤتمر تقييم عالمى فى عام 2023.
وقال جوس ديلبيك، المدير العام للمناخ فى المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبى إنه بعبارة أخرى، سنقوم بتحليل مدى النجاح فى الوصول إلى 2 درجة مئوية الهدف، ومن ثم سيتم استكمال خطط العمل فإذا كان لدينا تكرار لتلك الدورة مرة كل خمس سنوات فإن ذلك يعنى أننا فى طريقنا للوصول إلى الهدف.
3 – أسواق الكربون
وينص الاتفاق على «آلية للمساهمة فى التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى ودعم التنمية المستدامة»، ويمهد الطريق لتعاون طوعى بين البلدان فى تحقيق أهداف الحد من تلوثها، وسيتم وضع قواعد تفصيلية لآلية السوق فى وقت لاحق.
وتعتبر سوق الكربون آلية من شأنها أن تساعد على تطوير جهود الدول لجلب المشاريع والاستراتيجيات التى تعزز التنمية المستدامة والحد من غازات الاحتباس الحرارى ولهذا الهدف تم الاتفاق على اعتماد منح مقابل الامتثال للالتزمات.
4 – الشفافية
اتفقت الحكومات على وضع إطار لرصد وقياس والتحقق من تخفيضات الانبعاثات، وهذا سيؤدى بدوره الى تعزيز الشفافية للتعرف على ما يحدث من الجميع ويعطى ميزة للضغط على اصحاب الاداء الفقير أولا بأول وابطال حجج المنتقدين والمتقاعسين.
وأعطيت البلدان النامية بعض المرونة فى عدة بنود بما فى ذلك على نطاق ومعدل ومستوى التفاصيل للافصاح عن المعلومات فالالتزمات تكون أقل بالنسبة للدول الساحلية الصغيرة والأقل نموًا.
قال سامانثا سميث، رئيس برنامج المناخ فى جماعة «دبليو دبليو اف» المدافعة عن البيئة إن ذلك لا يعد تطفلا فمن الضرورى حفظ سجلات شاملة حول ما يشترونه، وما يحرقون وسبل التخلص منها كنفايات وهذا يتطلب مستوى مفصلًا جدا للإبلاغ فى الدول الكبرى لكن هناك صعوبات فى أماكن مثل الصين والهند حيث لديك مستويات مختلفة من الشفافية فى الحكومة».
5 – تمويل
يلزم الاتفاق الدول المتقدمة بمساعدة الدول النامية للحد من التلوث والتكيف مع آثار تغير المناخ وقد اتفق المفاوضون على أنه بحلول عام 2025 يجب وضع هدف جديد لزيادة تمويل المناخ وسيكون الهدف القادم لزيادة اضافية فوق الـ 100 مليار دولار فى السنة التى تم الاتفاق على توريدها بداية من 2020، ويقول النص إن الدول النامية يمكنها طواعية المساهمة فى تمويل الدول الاكثر فقرا.
وانتقد تيم غور، رئيس السياسة المناخية فى الجمعية الخيرية اوكسفام للتنمية نص الاتفاق حيث قال «ليس هناك سوى القليل فى هذه الاتفاقية لدعم أفقر المجتمعات فى جميع أنحاء العالم وتوفير الراحة لهم لكى يستطيعوا مجابهة تداعيات التغير المناخى فى السنوات القادمة».
8 دروس مستفادة من باريس
المشاركة الجماعية فى القرار والاستعداد الجيد وحضور ممثلى الشركات
استغرق الأمر سنوات من التخطيط الدقيق من قبل الأمم المتحدة للوصول إلى اتفاق تاريخى موقع من 195 دولة بشأن تغير المناخ السبت الماضى.
لكن وكالة بلومبيرج الاقتصادية ألقت الضوء على دروس تعلمتها وفود الأمم المتحدة والمندوبين الرئيسيين المشاركين فى جولة كوبنهاجن 2009، وأدت إلى نجاح هذا العام فى بارس.
1 – جعل الاتفاق اختياريًا
كان بروتوكول كيوتو لعام 1997 معاهدة ملزمة قانونًا بوضع حدود لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى للدول الصناعية فقط وبعد التوقيع على الاتفاق تراجعت الولايات المتحدة لأن البلدان النامية ليس لديها أى التزامات لتكون الدول الملتزمة بكيوتو فقط 37 دولة غالبيتها دول أوروبية هى مصدر %12 من الانبعاثات العالمية، لكن اتفاق باريس سجل تعهدات من 186 دولة من خلال نظام طوعى أساسًا، وهذا يعنى أن الأغلبية كانوا على استعداد للتوقيع حتى فى الولايات المتحدة.
2 – الاستعداد المسبق للمفاوضات
قام وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس وفريقه بأكثر من 100 زيارة رسمية وعقد أكثر من 400 لقاءات ثنائية مع 140 دولة مختلفة على مدى العامين الماضيين، وكان نصف تلك الاجتماعات على مستوى الرؤساء ورؤساء الوزراء.
3 – النجاح فى خلق الاتفاق بين اللاعبين الكبار أولًا
نجح الاتفاق فى توحيد 195 دولة، ولكن الولايات المتحدة والصين هى الأكثر أهمية لأنهما تمثلان %35 من الانبعاثات الكربونية وقد افتقدا إلى التنسيق فى المواقف فى قمة كوبنهاجن، حيث وقفت الصين مع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا فى الرغبة فى الحفاظ على الفروق فى طريقة محادثات تحديد التزامات الدول الغنية والفقيرة.
وفى عام 2009، كان على الرئيس الأمريكى باراك أوباما، إن يشق طريقه وسط هذا التكتل ليكون صوته مسموعًا، لكنه فى هذه المرة، توصل مع نظيره الصينى شى جين بينج إلى اتفاق فى نوفمبر عام 2014، مما دفع الدول النامية الأخرى إلى الانضمام الى جهود حل الأزمة.
4 – مستوى رفيع للحضور
حضر ما يقرب من 150 من رؤساء الدول والحكومات افتتاح قمة المناخ فى 1 ديسمبر فى أكبر تجمع فى يوم واحد من قادة العالم فى التاريخ فماذا كانت مهمتهم؟
كانت مهمتهم توفير الزخم السياسى، ومن ثم الخروج من قاعة المناقشات، لكن فى كوبنهاجن حضر أكثر من 100 من القادة فى نهاية المؤتمر، وهو ما أصاب عمل المبعوثين من المستوى الأدنى والذين هم خبراء فى مجال التفاوض بشأن المعاهدات بالشلل.
وقال المبعوث اليابانى كونى شيمادا فى اجتماع 2009: «كان جميع المفاوضين ملتزمين بمراجعة الوزراء وفى الوقت نفسه رؤساء الحكومات، ولذلك لم يكن لديهم أى وقت للمفاوضات الفعلية.
5 – التنظيم الجيد
ساعد ارتباك التحضيرات اللوجيستية فى كوبنهاجن على تسميم أجواء المحادثات فقد كانت هناك طوابير طويلة للاعتماد وعبور الإجراءات الأمنية، حيث ترك العديد من المفاوضين يقف فى البرد وسط تساقط الجليد.
وكل ما قالته باريس إنها تأكدت من أن الاشياء البسيطة تم التعامل معها بكفاءة حتى وجبات الطعام بسيطة وتسبق الاجتماعات بوقت قليل مع توفير الحلويات وزجاجات موتون كاديت من النبيذ المعتق، وكانت مبردات المياه فى كل مكان، والمراحيض نظيفة.
وكانت الحافلات تعمل على مدار الساعة كما كان النقل العام مجانًا، وخلال الأيام الأخيرة وفرت الحكومة الفرنسية مقاعد يمكن ان تنقسم الى شطرين لتصبح سريرًا فى متناول اليدين للمندوبين المتعبين من طول جلسات النقاش فى فترات الراحة بين اللقاءات.
6 – التعلم من مناهج العمل فى المؤتمرات السابقة
استخدمت فرنسا التكتيكات التى نجحت فى مؤتمرات المناخ السابقة، مثل نسخ صيغة من الاجتماع الذى عقد فى كانكون بالمكسيك فى عام 2010 كاستخدام زوج يتكون من وزير من البلدان المتقدمة ونظيره من النامية للمساعدة فى حل المواضيع الشائكة.
كما عقدوا اجتماعات غير رسمية مفتوحة لجميع المفاوضين يسمى «أنداباس» أو «indabas»، وهو اسم لتجمع شيوخ القرية ضمن تقليد فى جنوب أفريقيا وقد استخدم لأول مرة بنجاح كبير فى ديربان فى عام 2011. كما احضروا كلوديا ساليرنو، إحدى المبعوثين الذين ساعدوا فى غرق اتفاق كوبنهاجن، للعمل على جزء من النص.
وقال بول بلدسو، مستشار الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، إن «إشراك النقاد السابقين لأى شئ هو من الدبلوماسية الجيدة لكل شىء».
7 – الشفافية ضرورة للتوصل لأى اتفاق
فى كوبنهاجن، انتقت الرئاسة الدنماركية التى أدارت الاجتماع مجموعة من الدول للعمل على التوصل الى اتفاق، وهو ما أدى اإى فقدان البلدان غير المشاركة للثقة فى هذه العملية، متهمة الدول المشاركة فى الترتيب للقمة بمحاولة ترتيب وضع كما لو انهم يكتبون نصًا سريًا فكانت فرنسا متأنية فى ذلك بما يضمن مشاركة الجميع فى كل مرحلة وكان ذلك من الصعب لوجيستيًا، ولكنه ضرورى سياسيًا.
8 – إشراك شركات الأعمال
حصلت الشركات على فرصة لتسجيل جهودها لخفض الانبعاثات، مما جعلها داعمة للاتفاق أكثر بكثير، مما كانت عليه فى كوبنهاجن.
وقد أعلنت أكثر من 2400 شركة ومستثمر عن تعهدات بجهود لخفض التلوث حتى الآن، فى نهاية المطاف، فإن شركات الأعمال هى التى من شأنها أن تقدم العديد من تخفيضات الانبعاثات والحلول التكنولوجية لتغير المناخ.
غياب الحلول العلمية يهدد الاتفاق بمصير «كيوتو» و«كوبنهاجن»
مطالب بإعطاء الأولوية لبحوث الابتكار لتطوير الطاقة المتجددة وتكنولوجياتها وعدم الاعتماد على السياسة فقط
نعيش مع اتفاق باريس تجربة مخاطر الاعتماد على السياسة عندما تكمن الأجوبة العملية فى مكان آخر حيث معامل البحث والابتكار.
ووصفت بعض وسائل الإعلام قمة باريس بأنها فشل يرتدى زى نجاح وليس المقصود بذلك أولئك الذين لن يلتزموا بتعهداتهم فالانجاز الحقيقى هو وضع العملية السياسية والقانونية وراء التكنولوجيا والتركيز على العلوم التى يمكن أن تغير اقتصاديات إمدادات الطاقة والاستهلاك.
وقد القى الخبراء الضوء على سلبيات عدة فى قمة باريس للمناخ منها غموض بعض الالتزامات، ونقل محدود للموارد من الطاقة التقليدية إلى المتجددة وقبل كل شىء عدم وجود سعر جاد لتداول سوق الكربون للحد من انبعاثات وهو التدبير الوحيد الذى يمكنه تغير السلوك فى الواقع لأنه مرتبط ببيع سلعة ويعنى الارتباط بالمال.
ولا يمكن تجاهل شكوك الدول النامية فى التزام المتقدمة بتعهداتها بما فيها الولايات المتحدة حيث تتدخل لعبة الانتخابات والمخاوف من أجل المصلحة الذاتية لجرف أى وعود التزمت بها فى باريس إلى قاع الميحط، فرغم جميع الوعود البراقة فإن الواقع يتوقف على ما سيتم تنفيذه.
لكن أكبر سلبية هى الغياب الواضح لدعم البحث والابتكار فى مجالات علوم الطاقة المتجددة والوسائل الحديثة لتحسين كفاءة الاستهلاك فى وقت تنمو فيه مصادر الطاقة المتجددة، كنسبة من إجمالى إمدادات الطاقة خاصة توليد الكهرباء بمساعدة الإعانات، وفى بعض الحالات بسبب انخفاض الأسعار، لكن فى الوقت نفسه تنمو معدلات استهلاك البترول والغاز والفحم أيضا.
وحتى لو تم تقليل دور الفحم بشكل أكبر فى الولايات المتحدة وتوقفه تماما فى المملكة المتحدة فسوف يستمر الطلب فى النمو فى الهند والعديد من الاقتصادات الناشئة الأخرى حسب تقرير لصحيفة فاينانشيال البريطانية.
وتشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه فى حال وفاء البلدان بالالتزامات التى وعدت بها قبل اتفاق باريس فإنه بحلول عام 2040 سوف يكون نصيب الوقود الاحفورى %75 من الطاقة فى العالم أعلى بـ%20 من المستويات الحالية ووفقا لهذا السيناريو فإن الطلب على الفحم سينمو بنسبة %12.
وبالفعل من المتوقع نمو مصادر الطاقة المتجددة، بما فى ذلك الطاقة الكهرومائية، ومساهمتهم لتصل إلى %10 من إجمالى الإمدادات العالمية، وترتفع إلى %17 إذا تم تضمين الطاقة النووية لكن هذا اكثر سيناريو لوكالة الطاقة الدولية تفاؤلًا.
وعلى افتراض صحة هذا السيناريو فسيكون انخفاض الانبعاثات أقل مما ترمى إليه اتفاقية باريس وبالتالى تضيع فرصة تجاوز مستوى الخطر الحقيقي.
وبحسب وسائل إعلام غربية فإنه لا يمكن بالضبط معرفة أين يكمن هذا المستوى لكن بعض التحليلات تشير إلى أننا قريبون من ذلك بالفعل وأى تأخير يعنى أنه قد يفوت الآوان.
ولذلك فإن مؤتمر باريس يمثل محاولة أخرى وربما أخيرة لإدارة تغير المناخ من خلال عملية سياسية ودبلوماسية تهدف إلى إنتاج توافق عالمى بعد الفشل فى كيوتو وكوبنهاجن، ورغم أن الاجتماع رفع مستوى الوعى لكنه لم ينتج الحلول، غاب التحدى الحقيقى بشكل مزعج من جدول أعمال باريس، وهو إيجاد أشكال جديدة من إمدادات الطاقة سواء منخفضة التكاليف أو منخفضة انبعاثات الكربون.
الأخبار الأكثر تشجيعا هذا العام جاءت من خارج فرنسا حيث هبطت أسعار الطاقة الشمسية وتستعد الأسواق لاستقبال مجموعة الابتكارات المتطورة من الجامعات والمختبرات فى جميع أنحاء العالم على صعيد التقنيات المختلفة مثل نظم التخزين، والشبكات، وتحويل النفايات، وغيرها.
قالت بروفسور كلير رمادى فى جامعة كامبريدج، إنها نجحت مع فريقها فى انتاج بطارية ليثيوم الهواء متطورة التى تتكلف وتزن %20 من بطاريات الليثيوم الأيونية التى تشغل معظم السيارات الكهربائية الآن حيث يمكن للبطارية الجديدة أن تأخذ سيارة من لندن إلى ادنبره، على بعد حوالى 650 كيلومترًا بشحنة كهربائية مرة واحدة.
ويعمل علماء آخرون على جعل استخدام الفحم أكثر نظافة للبيئة، ومثل هذا التقدم لم يصدر تجاريا بشكل كامل بعد ولكن أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية كما نعرفها الآن لم تكن تجارية قبل 20 عامًا، ويمكن لواحد أو أكثر من هذه الابتكارات أن يقلب نظام الطاقة رأسًا على عقب.
هذا النهج هو السبيل الوحيد للنجاح فى بلدان مثل الهند لديها احتياجات متزايدة وإصرار على سحب سكانها من مستنقع الفقر وبالتالى سوف تستهلك مزيدا من الطاقة حتى لو كان الوقود احفوريا وهى ترى فى ذلك حقا لها مثلها مثل الدول المتقدمة.
لا يهم إذا كان مصدر الابتكار والبحث هو القطاعين العام أو الخاص، أو ما إذا كان صادرًا عن جامعة ستانفورد الأمريكية أو تسينجهوا الصينية فكل ما يهم هو أن الطاقة المنتجة رخيصة بما يكفى لتقويض انخفاض تكلفة الفحم الذى لم يتم تنظيفه.
هل يمكننا إنقاذ كل شىء نحبه؟
قالت منظمة «آفاز» المتخصصة فى إطلاق حملات توعية فى جميع المجالات ان اتفاق باريس وضع هدف تاريخى يمكن أن ينقذ كل شىء نحبه!
وأكدت أنه ثمرة كل عريضة جمعت التوقيعات عليها لمناهضة الأطراف المتورطة فى تلويث البيئة والمتقاعسة عن مواجهة تداعياتها وثمرة كل رسالة تحفيز للمشاركين وكل متبرع ساهم فى مواصلة المسيرة معتبرة ان هذا النجاح يمثل نقطة تحول ضخمة فى التاريخ البشرى.
وأوضحت فى بيان لها، أن العالم بات أقرب لهدفها فى جعل الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشرى صفر أو بمعنى آخر احداث توازن بين ما يطلقه الانسان فى الهواء وما يؤخذ منه وعندما ينقشع الغبار ويكون اتفاق باريس فى أيدى المشرعين، سيكون تحقيق الحكومات لطاقة نظيفة أفضل وأرخص وأكثر فعالية الوسيلة الوحيدة للوفاء بتعهداتها وهذا يعطينا منصة للعمل الدؤوب نحتاجها لتحقيق حلم مستقبل آمن للأجيال المقبلة.
ولفت البيان الى أن النجاح فى تنظيم فاعليات حول العالم شارك فيها اعداد غير مسبوقة تقدر بمئات الآلاف لعبت دورًا غير عادى للمساعدة فى دفع الاتفاق، حيث نجح ممثل المنظمة فى توصيل عريضة دولية موقعة من عشرات الآلاف للأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون لحظة دخول وفود الدول للمؤتمر مستهلة سلسلة هائلة من الأنشطة.
وتابع أنه فى 2014 خرج الآلاف من الأشخاص فى مسيرة فى شوارع نيويورك، ليثبت للعالم أن هناك سلطة شعبية فى صالح مطالب البيئة.
وضرب البيان مثلًا حول تأثير حملات «آفاز» حيث قالت، إن وصول وزير المالية الهندى آرون جايتلى صاحبة تصريح بأن الاعتماد على الطاقة النظيفة فقط بنسبة %100 مرفوضًا، فقام مشاركون فى الحملة بعمل رسم تصويرى لمدينة تشيناى الهندية غارقة فى قاع المحيطة وتم عرضها على شاشات مع رسائل من مختلف أنحاء الهند داخل قاعة المحادثات وفى وقت لاحق أعلنت وسائل الإعلام أن رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى قد غير اتجاه بلاده فى المحادثات.
وقد لعب شريط فيديو يعرض مقابلات مع الناجين من الفيضانات فى تشيناى على شاشات العرض العملاقة داخل مكان انعقاد محادثات تغير المناخ دور مهم.
ووزعت الحملة ملصقات فى باريس لوجوه أشخاص يمثلون أسوأ جماعات الضغط لصالح الوقود الأحفورى ومناهضى حماية البيئة داعية الوزراء إلى تجاهلها، فانسحبت كبريات شركات تعدين فى العالم من المحادثات تمامًا.
توقع الجميع الفشل لجهود التصدى للتغير المناخى، حيث أكد كبار المسئولين لـ«آفاز» مرارًا وتكرارًا، أن الناس لا يهتمون بتغير المناخ لكن حملات منظمات المجتمع المدنى كانت تعرف أفضل منهم واثبتت ان المجتمع المحب للبيئة بالملايين واختار الاستمرار فى جهود إنقاذ كوكب الارض كأولوية أساسية للعمل معًا، سنة بعد سنة.
وأكد بيان النصر كما تسميه «آفاز» أنه مازال لدينا عقود من العمل الى أن ترقى الإنجازات إلى مستوى الوعود فالجميع بحاجة الى مزيد من الطموح لتلبية احتياجات البشر من الطاقة النظيفة بنسبة %100 بحلول عام 2050 كهدف أساسى.
وتحتاج الدول الغنية ان تعطى المزيد من المال إلى البلدان النامية حتى تتمكن من تخطى عقبات الاعتماد على الفحم تمامًا وانتشال مئات الملايين من الفقر.
«أصدقاء الأرض» إلاتفاق ساوى بين الجانى والضحية
قالت منظمة أصدقاء الأرض المعنية بحماية البيئة ان الدول الغنية التى تتحمل الجزء الأكبر من مسئولية التغير المناخى تضع العالم كله على طريق بلا رجعة أكثر تدميرًا للمناخ بدلًا من اتخاذ إجراءات جذرية ملحة للحد من انبعاثات الكربون.
وأوضحت سوزان سيشبيرث، منسقة حملة العدالة المناخية والطاقة فى منظمة أصدقاء الأرض فى أوروبا، أن نسبة الحد من الانبعاث التى تتعهد بها الدول الغنية حتى الآن هى أقل من نصف ما نحتاج إليه لتجنب تغير المناخ مدمر الجامح.
وأكدت ان الاتفاق باريس هدم العديد من المبادئ الأساسية لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ ومنها «الحصة العادلة» بحيث يتحمل كل طرف نصيبه من الحد من التلوث بنفس القدر الذى تسبب فيه ولذلك يجب على الدول الغنية أن تتحمل نصيبها العادل.
وأشار بيان للمنظمة إلى أن السياسيين على الطريق الصحيح لخذلنا، حيث يخضعون لضغوط من الشركات الملوثة للبيئة للاستفادة من الوقود الأحفورى والطاقة القذرة، وتعزيز استخدام الفحم والطاقة النووية.
وبحسب الاتفاق فإن العديد من البلدان النامية تعهدت بحصة عادلة من خفض التلوث بما هو أكثر من دول متقدمة اخرى لم تقدم التعهدات المناسبة لحجم أضرارها بالبيئة طول العقود الصناعية الماضية.
وفى تصريحات سابقة لها، قالت بيرنارديتاس مولر، وهى عضو مخضرم فى فريق التفاوض الفلبينى، إن المناقشات أثبتت تقاعس الدول المتقدمة وأيضًا السذاجة الشديدة لبعض البلدان النامية.
وأشارت إلى أن الغازات الدفيئة تراكمت فى الغلاف الجوى لعقود صدرتها البلدان المتقدمة التى راكمت أيضًا الثروة، ولذلك فعليها أن تشارك جزءًا من هذه الثروة مع البلدان التى لديها مسئولية ضئيلة أو معدومة عن هذه الانبعاثات.
وأوضحت أن الدول المتقدمة لم تساعد حتى النامية بتنفيذ التزاماتها بتوفير الموارد المالية لها ونقل التكنولوجيا بما يعوضها عن خسائرها نتيجة الحد من الأنشطة الاقتصادية المسببة للانبعاثات الحرارية.
ولتقريب الصورة ذكرت مولر، أن خفض البلدان النامية لطن واحد من الكربون سوف يكلفها أكثر من البلدان المتقدمة، رغم أن لديها بالفعل انبعاثات منخفضة بالمقارنة بالدول الغنية؟ بمعنى آخر كيف يمكنك أن تطلب من الرجل الذى يأكل مرة واحدة يوميًا خفض نظامه الغذائى؟، بدلًا من أن تطلب أولًا ذلك من الرجل الذى لديه ثلاث وجبات فى اليوم.
ولفتت النظر إلى أن الدول المتقدمة أصلًا لم تف بالتزاماتها المالية لمرفق البيئة العالمية، والتى تمثل الجزء الأصغر بين المنح التى تقدمها مؤسسة مثل البنك الدولى فعند فتح صندوق المساعدة الإنمائية الرسمى ومعرفة كم هو حجم تمويل انشطة التغير المناخ فستجد انه على الدول النامية ان تدفع لنفسها فى النهاية.
وانتقدت عضوة فريق التفاوض الفلبينية إصرار الدول المتقدمة على ربط المساعدات المالية لبرامج خفض الانبعاثات الكربونية برضاهم عنها مشيرة إلى أن من حق كل دولة ان تضع البرنامج بما يناسبها وبحسب بنود اتفاقات الأمم المتحدة فأن الدول النامية ملتزمة بتطبيق برامجها بالقدر الذى تلتزم به المتقدمة بالتنفيذ الفعال لعملية التمويل.
وأوضحت أيضًا أن مصادر التلوث الرئيسة فى البلدان النامية هى عمليات التعدين فى حقول الخام والتى تسيطر عليها الشركات متعددة الجنسيات التى تعود معظمها للدول المتقدمة دون ان تتحمل اى شىء فهى تأتى لأخذ موارد الدول الفقيرة وتترك لها مشكلات التلوث البيئى والصحة وغيرها.
أعد الملف: ربيع البنا