خلال معظم حياته القصيرة، عبر البنك المركزى الأوروبى عن استيائه من كون التضخم مرتفع للغاية، والآن يقلق بشأن العكس تماماً، الانكماش.
ويفسر الخوف من الانكماش حزمة الإجراءات التى أعلن عنها ماريو دراجى يوم الخميس الماضى، فمنذ 3 أشهر، أحبط رئيس المركزى الأوروبى الأسواق بعدما كشف عن محفزات أقل مما توقعته، اما هذه المرة فلم يعلن عن نصف الإجراءات.
ويضع البنك المركزى الأوروبى 3 أسعار للفائدة، خفضها جميعاً يوم الخميس، كما كان يشترى سندات مقابل نقدية بمعدل 60 مليار يورو شهرياً، ولكنه رفع المبلغى إلى 80 مليار يورو شهرياً لمدة عام على الأقل، وربما تطول المشتريات عن ذلك.
كما أطلق مخططاً يتم من خلاله الدفع للبنوك التجارية مقابل اقتراضها الأموال بشرط تدوير الأموال إلى القطاع الخاص فى صورة قروض للأسر، وللشركات.
ومع ذلك، لم يكن ذلك كافياً لرواء الظمأ الذى لا يرتوى فى الأسواق المالية للمزيد والمزيد من المحفزات، فقد تراجع اليورو فى البداية فى البورصات الأجنبية ثم ارتفع عندما قال دراجى، إن المركزى الأوروبى لا يرى حاجة لتخفيض أسعار الفائدة أكثر.
وبالتأكيد، هناك حاجة لدعم الطلب فى منطقة اليورو، فمنذ ديسمبر، خفض المركزى الأوروبى توقعاته للنمو فى 2016 لكتلة العملة الموحدة من 1.7% إلى 1.4%، ولكن التغير الكبير الحقيقى كان فى توقعاته للتضخم، فمنذ 3 أشهر كان يتوقع أن ترتفع تكلفة المعيشة فى منطقة اليورو بنسبة 1% العام الجارى، والآن يتوقع زيادة بنسبة 0.1%.
وتكمن خطة دراجى فى جعل الاموال متوافرة ورخيصة، إلا أن مشكلة منطقة اليورو لا تكمن فى نقص توافر الائتمان، الذى وصل لأعلى مستوى فى خمس سنوات، وإنما فى ضعف الطلب على القروض حتى فى ظل أسعار الفائدة المتدنية لمستويات تاريخية، وهناك حدود لما تستطيع البنوك المركزية القيام به، والمركزى الأوروبى يقترب منها سريعاً.
ويعلم دراجى، أن للسياسة النقدية – أسعار الفائدة والتيسير الكمى والمحفزات على الاقتراض- حدود لما يمكن أن تفعله، ويفضل أن تصاحب أفعاله إصلاحات هيكلية واستخدام أكثر قوة للسياسة المالية.
وتؤيد كاثرين مان، خبيرة اقتصادية فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وجهة النظر تلك، وتعتقد أن المركزى الأوروبى يحمل عبئاً أكبر من اللازم لتحفيز اقتصاد منطقة اليورو، وهى محقة تماماً فى ذلك.
وسوف يساعد الإنفاق الحكومى الأعلى على دفع النمو، وسوف يقنع الشركات والأسر على استغلال القروض منخفضة التكلفة المتاحة، وحتى يأتى الوقت الذى يصبح فيه لدى أوروبا نهجاً معقولاً أكثر تجاه السياسة المالية، سوف يقع كل العبء على دراجى، ولكن المركزى الأوروبى لا يستطيع حل كل مشكلات منطقة اليورو، فقط يستطيع شراء الوقت.
بقلم: لارى إيليوت
المصدر: صحيفة «ذا جارديان»