ترك وزير البترول السعودى على النعيمى، منصبه السبت الماضى، وهو مهندس التحول فى سياسة منظمة «أوبك» والذى أحدث معاناة كبيرة لسوق الطاقة والشركات واقتصادات بأكملها من المكسيك، إلى نيجيريا، عام 2014.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن النعيمى، الذى يبلغ من العمر 80 عاماً شغل منصب وزير البترول ما يقرب من 21 عاماً، ووجه خلال تلك السنوات أكبر مصدر للبترول فى العالم وقاد عملية تأرجح الأسعار، والحروب الإقليمية، والتقدم التكنولوجى.
وقال النعيمى، خلال تجمع لرواد صناعة البترول فى فبراير الماضى فى مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، إنه خلال عمله مدة 7 عقود فى هذه الصناعة، عاصر أسعار البترول عند أقل من 2 دولار للبرميل وحتى 147 دولاراً للبرميل، بخلاف كثير من التقلبات الأخرى، إذ شاهد فترات الإفراط فى الإنتاج وندرتها، كما رأى حالات ازدهار وكساد متعددة.
ونقلت «بلومبرج» أن رحيل النعيمى، الذى قاد تلك الصناعة لسنوات والذى كان من الممكن أن يحرك الأسواق بمجرد التفوه ببعض كلمات، يعد أحدث علامة على مدى سيطرة نائب ولى العهد محمد بن سلمان، على السياسة النفطية.
وحل خالد الفالح، رئيس شركة «أرامكو» السعودية، محل النعيمى، فى منصب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ومعروف أن الفالح، تربطه صلة قوية بالملك سلمان، والأمير محمد.
وقال جيسون بوردوف، مدير مركز سياسة الطاقة العالمية فى جامعة «كولومبيا» فى نيويورك، ومسئول نفطى سابق فى البيت الأبيض: «لقد كان الفالح، جزءاً لا يتجزأ من السياسة الحالية للنفط فى المملكة العربية السعودية، وعمل بشكل وثيق جداً مع نائب ولى العهد الأمير محمد».
ونوهت الوكالة إلى أنه من غير المرجح أن تتغير السياسة النفطية السعودية فى عصر الفالح كثيرا، إذ أصر الأمير محمد، أن السعودية ستستمر فى الدفاع عن حصتها بالسوق ولن توافق على أى تجميد إنتاج للبترول للحد من إغراق الأسواق العالمية، دون مشاركة المنتجين الرئيسيين الآخرين.
وأضاف الأمير فى مقابلة مع «بلومبرج» الشهر الماضى: «لا نهتم بأسعار البترول»، مؤكداً أن استقرار الأسعار عند 30 دولاراً أو 70 دولاراً للبرميل سواء بالنسبة للسعودية، فلدى المملكة برامجها الخاصة التى لا تحتاج إلى ارتفاع أسعار البترول.
وكانت أسواق البترول الكبرى مغلقة يوم السبت عندما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إعفاء النعيمى، من منصبه نقلاً عن مرسوم ملكى.
وأغلق مؤشر خام برنت فى تداولات يوم الجمعة عند 45.37 دولار للبرميل فى لندن، بانخفاض 5.7% خلال أسبوع.
وأغلق خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى يوم الجمعة أيضا عند 44.66 دولار للبرميل فى نيويورك، أو أقل بنسبة 2.7% خلال أسبوع.
وفى الوقت الذى كان يتمتع فيه النعيمى، بمطلق الحرية نسبياً لتنفيذ السياسة النفطية فى عهد الملك فهد، والملك عبدالله، فقد تم التضييق عليه العام الماضى مع انتقال السلطة إلى الملك سلمان، وتزايد نفوذ ابنه الصغير، الأمير محمد.
وفى اجتماع تجميد البترول فى العاصمة القطرية الدوحة يوم 17 أبريل الماضى حيث كان كبار المنتجين يناقشون إمكانية تجميد الإنتاج لدعم الأسعار، افتقر النعيمى، للسلطة لإكمال الصفقة وفقا لنظيريه الروسى والفنزويلى.
وقبل 18 شهراً تقريبا، كان النعيمى، قد دفع منظمة البلدان المصدرة للبترول إلى ترك الإنتاج دون تغيير.
وأوضحت «بلومبرج» أن هذه الاستراتيجية أظهرت علامات للنجاح حيث تضاءلت أعداد منصات التنقيب عن النفط الأمريكى وسجل تراجعاً قياسياً، وانخفض إنتاج العديد من الشركات بما فى ذلك «اكسون موبيل كورب» وقامت بتخفيض استثماراتها.
لكن المملكة العربية السعودية، دفعت أيضا ثمناً كبيراً، مع تراجع احتياطيات النقد الأجنبى وتباطؤ النمو الاقتصادى.
وأضافت الوكالة أن هذا النهج ترك أيضا منظمة «أوبك» فى حالة يرثى لها، وعانت دول الخليج العربية الغنية، بما فى ذلك الكويت، وقطر، من ضائقة مالية مثل فنزويلا، ونيجيريا.
ويبدو أن المجموعة التى تتكون من 13 عضوا، فى منظمة قوية والتى كانت قادرة على أن تؤرق الاقتصاد العالمى، أصبحت فى الوقت الراهن غير فعالة إلى حد كبير.