لا أدرى كيف يمكن أن تعبر مصر هذه السنوات العجاف فى ظل المشهد السياسى الراهن والمتأزم جداً.. ولا أدرى كيف يراهن الرئيس السيسى على بناء مصر الحديثة فى ظل مجتمع منقسم سياسياً.. وهل يمكن لدولة تبغى التقدم والازدهار أن تحقق ذلك دون ديمقراطية حقيقية ودون تبنى قواعد العلم الحديث، وهل يكفى فقط أن الرئيس والقوات المسلحة هما من يحملان لواء البناء والتنمية.. وأين باقى فئات الشعب فى معركة البناء وأين القطاع الخاص من خريطة الاستثمار المحلى وهل لا يقلق الرئيس وحكومته من تدنى مشاركة القطاع الخاص فى الاستثمار المحلى.. ولماذا لا يفعل دور المشاركة السياسية فى تحقيق التواصل بين نظام الحكم والشعب.
ولماذا يشعر البعض بأن الرئيس ومن حوله من قادة الجيش لا يعيرون اهتماماً للأحزاب السياسية وتفعيل دورها فى بناء ديمقراطى سليم وهل كما يتردد لديهم اعتقاد بأن السياسة كلام فارغ ومضيعة للوقت.
وهل لا يقلق الرئيس من تصدع محور 30 يونيو وهل يدرى الرئيس ما يحدث فى أزمة توريد القمح.. بالأحرى هل الرئيس راضٍ عن أداء الحكومة.. ولماذا يصر الرئيس على التمسك بمشروعات ليست ذات أولوية؟ هل يريد تكرار تجربة توشكى فى العاصمة الإدارية… كل هذه الأسئلة أعتقد أنها متداولة بشكل واسع فى أذهان كثير من فئات الشعب.. هذا الشعب الذى تضاءلت طموحاته الآن بعدما فقد الثقة فى إمكانات النهوض ورفع مستوى معيشته فبات يترحم على ما مضى وهناك أيضاً من يترحم على ثورة 25 يناير.. فهل هذا الوضع يا سادة يمكن أن يقودنا إلى بناء دولة حديثة.. وهل بناء الدولة يقوم فقط على إقامة الطرق والكبارى، أين بناء الثقة فى الإنسان المصرى بأنه هو محور وهدف هذه التنمية المرجوة.. أين نحن من الشباب هل سنتركه منعزلاً عن الدولة.. وهل سنترك شعوره بعدم الانتماء يتزايد.. وهل ننكر أن هذا الشباب الذى يمثل نحو %35 من سكان البلاد هو عماد الجيش المصرى، فكيف سيدافع هؤلاء عن دولة لا يشعرون بها ولماذا لا نتصالح معهم ونحن على يقين بأنهم ضحايا العهد البائد.. فلا يجب أن نعاقبهم على فكر لم يعتقدوه ولكنهم اكتسبوه من ممارسات نخب أو أحزاب أو جماعات فاسدة.. فما جدوى حبس آلاف الشباب ممن لم يحملوا السلاح ضد الدولة.. إذن الوضع الراهن يتطلب وقفة مع النفس من جانب الرئيس وحده يراجع سياساته وهذا أمر غير معيب فهو رئيس يتعامل مع 90 مليون رأى وموقف ومع أحزاب ونقابات وسلطات متنوعة.
ومنصبه كرئيس دولة يختلف عن كونه وزيراً للدفاع أو قائداً لوحدة عسكرية يأمر فيطاع.. لابد من الحوار والتشاور.. حتى الآن الناس على ثقة بأن الرئيس السيسى مخلص لبلده ولديه نية حقيقية فى النهوض بالبلاد وهذه الثقة تولدت لدى الناس منذ أن حمل الرئيس ورفاقه المسئولية وقادوا ثورة 30 يونيو ولكن ليس من المنطقى أن يتحمل الرئيس وحده مسئولية الحكم لماذا لا يشارك كل فئات الشعب معه فى مراحل البناء.. يجب أن تأخذ الأحزاب دورها بحرية كاملة، وكذلك النقابات طالما أنها حرية مسئولة وليست فوضوية.. الحوار والمشاركة يؤكدان ويدعمان البناء الحقيقى لأى دولة، نعلم أن هناك تحديات ومتغيرات إقليمية ودولية مقلقة، وأن هذه المتغيرات لا تمنع احتمالات نشوب حرب بالمنطقة.. ولكن أياً كان هذا الخطر فلابد من تهيئة الجبهة الداخلية وتأمينها فنحن حالياً لدينا تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية تجعلنا فى وضع صعب حال نشوب أى حرب ولنا فى حرب أكتوبر دروس وعبرة وقتها تهيأت الدولة بجميع أجهزتها ومواطنيها.. سيادة الرئيس ابحث عن عبدالقادر حاتم جديد من بين أبناء مصر، فمصر ولادة وغنية بالكفاءات مثلما هى غنية بجيشها.