قبل 10 سنوات سعى المهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة الأسبق، الى حل أزمة ترفيق الأراضى الصناعية، وتوفير المزيد من الاراضى الجاهزة للمستثمرين للوصول بمعدلات النمو الصناعى الى 8% سنوياً، لكنه اصطدم بمحدودية مخصصات ترفيق المدن الصناعية بالموازنة العامة للدولة، ما دفعه للاستعانة بشركات تطوير خاصة.
«المطور الصناعى»، مصطلح أطلقته الحكومة والمستثمرون على الشركات التى تتولى مهام ترفيق الأراضى الصناعية، وتلعب دور الوسيط بين هيئة التنمية الصناعية المنوط بها طرح الأراضى الصناعية، والمستثمرين الراغبين فى الحصول على الأراضى الجديدة، ويقوم المطور بشراء الأراضى التى ترغب الحكومة تجهيزها للاستثمار، وترفيقها بشكل كامل ثم بيعها للمستثمرين بسعر يعادل سعر الأرض الاصلى مضاف إليه تكلفة الترفيق وهامش الربح.
وبدأت الحكومة العمل بنظام المطور الصناعى يوليو 2006، من خلال ورشة عمل نظمتها وزارة التجارة والصناعة، طرحت بعدها 17 مليون متر مربع للمطورين فى مدن العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وبرج العرب، ثم استأنفت العمل بنظام المطور مرة أخرى فى ديسمبر 2008، بطرح 9.3 مليون متر بعدد من المدن.
وتعمل 12 منطقة صناعية مصرية بنظام المطور الصناعى، نفذتها 9 شركات باستثمارات مصرية وأجنبية بمناطق العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، الشرقية، السادات، وبرج العرب، وفقا لبيانات هيئة التنمية الصناعية.
ويتولى المطور الصناعى أعمال الترفيق والبنية الأساسية بالمدن الصناعية «طرق، مياه، وكهرباء»، فضلًا عن إدارة المنطقة الصناعية، والترويج لها داخليًا وخارجيًا، وتسويقها للمستثمرين، طبقًا للمعايير والضوابط التعاقدية التى أقرتها هيئة التنمية الصناعية.
وأثارت تجربة المطور الصناعى منذ بدء العمل بها، جدلاً واسعاً فى مجتمع الأعمال، حيث يرى البعض أنها تسببت فى رفع أسعار الأراضى بشكل كبير دون رقابة من هيئة التنمية الصناعية، فيما يرى البعض الآخر أنها طوق النجاة لترفيق الأراضى الصناعية فى ظل ضعف مخصصات الدولة الموجهة للترفيق.
وكنتاج لشكاوى المستثمرين، ألزمت وزارة الصناعة والتجارة، شركات المطور الصناعى بعقد اجتماع سنوى مع هيئة التنمية الصناعية، للاتفاق على أسعار الأراضى، وتحديد نسبة الزيادة السنوية فى الأسعار بما لا يتجاوز 15%، لكن لم تتوقف شكاوى المستثمرين، ما دفع الحكومة لوقف العمل بنظام المطور.
وبعد مرور 10 سنوات على بدء تجربة المطور الصناعى، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة، وهيئة التنمية الصناعية، اعتزامهم استئناف العمل بنظام المطور الصناعي، بآليات وضوابط جديدة تضمن عدم الاتجار بالأراضى وزيادة أسعارها، وفى مقدمتها تخصيص الأراضى بنظام حق الانتفاع وليس التملك.
وتخطط وزارة الصناعة والتجارة لطرح 10 ملايين متر مربع أراض لشركات المطور الصناعى خلال الفترة القليلة المقبلة، لجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، فى تصريحات صحفية، إن تجربة المطور الصناعى حققت نجاحاً فى حل أزمة الاراضى الصناعية المرفقة، وأن الوزارة تسعى الى إعادة إحياء التجربة من خلال طرح مزيد من الاراضى الصناعية بمختلف المدن، وبحث آليات مشاركة جمعيات المستثمرين فى عملية الطرح لضمان نجاح التجربة وتوافق منظمات الأعمال عليها.
ويأتى اتجاه وزارة الصناعة لاستئناف العمل بنظام المطور، متماشياً مع خطة الحكومة لزيادة النمو الصناعى الى 8% بنهاية العام المالى المقبل.
ورفعت الحكومة قيمة الدعم المخصص لترفيق المناطق الصناعية الى 1.4 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الجارى، مقابل 400 مليون عام 2015-2016، و400 مليون جنيه ايضاً العام المالى 2014-2015، و1.5 مليار جنيه فى 2013-2014، و241 مليون جنيه فى 2012-2013، ومن المقرر أن يوجه الدعم الى إنشاء وترفيق نحو 126 منطقة صناعية بمصر، منها 76 منطقة تتبع المحافظات، و20 منطقة صناعية تتبع هيئة المجتمعات العمرانية، و9 مناطق تابعة للهيئة العامة للاستثمار.