يبدو أن الرئيس التركى رجب طيب أردوجان، يتجنب الغرب بعد اختياره روسيا كأول زيارة خارجية له، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة، وبعد وصفه نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بـ«صديقه العزيز» خلال الزيارة.
ومع ذلك، تقول وكالة أنباء «بلومبرج»، إنه بعيداً عن رمزية هذه الأمور، فإن تركيا مرتبطة بحلفائها القدامى لدرجة لا تسمح لها بالاستغناء عنهم.
وبلغ حجم التبادل التجارى بين تركيا والاتحاد الأوروبى 147 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بـ24 مليار دولار فقط مع روسيا، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
وهذه الحقيقة الاقتصادية الصعبة تكذّب بعض الادّعاءات مثل «اجتماع العالم الجديد»، و«الربيع الروسي» التى تروج لها الصحف التركية الموالية للحكومة، وتحبط التكهنات بشأن تحول جغرافى سياسى كبير.
وتقول الوكالة، إنه ببساطة لا يستطيع أردوجان تحمل هذا التحول الجيوسياسي، لأن معظم شعبيته تنبع من سجله الاقتصادى الذى جلب الرخاء لدولة عادة ما كان الحديث عنها مجرد جسر بين الشرق والغرب؛ بسبب موقعها الاستراتيجي.
ويقول المحلل التركى لدى معهد «تشاتام هاوس»، فادى هاكورا: «يوجد العديد من الحقائق الصعبة التى تربط تركيا بالفلك الأوروبى وليس الروسى مثل عضويتها فى حلف الناتو، واعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية والأوروبية فى المعدات العسكرية».
وأضاف هاكورا، أن تركيا تعتمد على التدفقات المالية العالمية الناتجة عن المضاربات والمعروفة بـ«الأموال الساخنة»، لتمويل التزاماتها الدولية، وقدر كبير من هذه الأموال يأتى من الأسواق المالية الغربية.
وقال إن حجم التجارة مع الاتحاد الأوروبى يعنى أن روسيا لا يمكن أن تحل محله فيما يتعلق بالمستقبل الاقتصادى التركي، ومع ذلك، تعد روسيا مورد طاقة أساسياً لتركيا.
واكتسب التحول نحو الشرق، إلى دولة أدارت ظهرها للغرب زخماً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فى تركيا للإطاحة بالحكومة.
وشرع أردوجان فى تطهير البلاد من المتآمرين المزعومين، وصب جام غضبه على القادة الغربيين الذين تفاعلوا ببرود مع حملته.
وتثير سرعة عودة التقارب الدهشة. فلم تمر أكثر من 8 أشهر على إسقاط تركيا، طائرة روسية بالقرب من الحدود مع سوريا المشتعلة بالحرب.. ولكن للدولتين أسبابهما.
فروسيا كانت تسعى لعلاقات اقتصادية أعمق خارج المدار الغربى بعد تقويضها بالعقوبات الدولية والأوروبية. أما تركيا، فلم تحرز مفاوضاتها للانضمام للاتحاد الأوروبى تقدماً كبيراً بعد أكثر من عقد من المحادثات.
وقال المتحدث باسم أردوجان، إبراهيم كالين، للصحفيين عندما سُئِل عما إذا كانت تركيا تعيد التفكير فى توجهاتها الاستراتيجية بعد لقاء أردوجان وبوتين، إن الرسالة التى أرسلها الغرب كانت «مخيبة للآمال» بسبب فشلهم فى تقديم الدعم الكافى إثر محاولة الانقلاب. ومع ذلك أوضح «كالين»، أن تحسين العلاقات مع روسيا لبس بديلاً للغرب.
ويرى الاقتصادى فى بنك «بيرينبرج» فى هامبرج، فولف – فابيان هانجرلاند، أن روسيا وتركيا لن تتمكنا من الحفاظ على تحالفهما على المدى الطويل بالنظر إلى تاريخهما.. أى أنهما كانتا إمبراطوريتين متنافستين على مدار قرون ماضية.
وأوضح أن الاختلافات الجوهرية بينهما ستستمر، وأقلها موقفاهما المتضادان من الحرب فى سوريا.