تراجع البترول والعقوبات الغربية وراء تراجع قيمة أصول الدولة
%5 فقط تحققت من عائدات البيع فى 2015
أكد المحلل الورسى أولج بوكليميشيف، أن دعم الميزانية الروسية التى تعانى من العجز جراء تراجع أسعار البترول لن ينجح بجولة جديدة من عمليات الخصخصة التى أعلنتها الحكومة الروسية، لكن الأهم تحديد قواعد سلوك النخبة الروسية.
وأضاف فى مقاله المنشور فى مركز أبحاث معهد كارينجى للسلام أن الحكومة الروسية أطلقت جولة كبيرة جديدة من خصخصة الشركات المملوكة للدولة، بما فى ذلك شركة طيران ايروفلوت واثنين من شركات البترول الكبرى وهي، روسنفت وباشنفيت.
للوهلة الأولى تتعلق الخصخصة بالممتلكات والأموال، فماذا يمكن أن يكون أكثر وضوحاً من المزاد العلنى للأصول المملوكة للدولة بهدف سد ثقوب الميزانية؟
ولكن بإمعان النظر يظهر نمطاً مختلفاً تكون فيه الخصخصة فى روسيا هى مسألة سياسية بشكل كبير، حيث تتعلق بمكآفات الولاء المجزية ووضع قواعد جديدة للسلوك السياسى.
لايزال الروس يتذكرون الصفقات الاثنى عشر سيئة السمعة المتعلقة بقضية «القروض مقابل أسهم» حيث بيعت الاصول الكبرى مقابل قروض حكومة من البنوك التجارية لاشخاص مقربين من السلطة فى مزاد منتصف التسعينيات خلال رئاسة بوريس يلتسين بأقل من 900 مليون دولار ذهبت إلى خزينة الدولة الروسية.
كان مهندس تلك المبيعات ومؤسس الخصخصة فى روسيا اناتولى تشوبايس يبرر ذلك قوله لو لم تكن هذه الصفقات فى عهد يلتسين لفاز الشيوعيون فى الانتخابات فى عام 1996.
وأطلقت روسيا آخر كبرى مشاريع الخصخصة فى عام 2012، ولكن على الرغم من تحقيق اقل من نصف هدف البيع وهو 450 مليار روبل (أى 15 مليار دولار) اعتبرت روسيا الصفقة رقماً قياسياً.
ووفقا للبيانات الحكومية فشتل موسكو فى تحقيق 80% من أهداف برنامج الخصخصة فى الفترة من 2010 الى 2014، وتلقت أقل من 5% من المبلغ المستهدف فى 2015.
وعاد الحديث فى 2016 عن الخصخصة لسد العجز الناجم عن التورط فى حروب خارجية مع انخفاض عائدات البترول، بينما تعانى البلاد من تداعيات العقوبات الغربية على التدفقات المالية الأجنبية إلى البلاد وهو ما يقلل من قيمة جميع الأصول الروسية.
ورغم مضاعفة المستهدف من عائدات الخصخصة 27 مرة فى الموازنة الجديدة لتصل الى 893 مليار روبل، إلا أنها بالكاد تتخطى 1% من الناتج المحلى الإجمالى كما ان التاريخ يخبرنا بأنه لن يتحقق منه سوى 20% فقط.
والحقيقة ان الخصخصة هى مجرد إعادة ضبط للعلاقات المبنية على المصالح بين النخبة والنظام الحاكم منذ عهد يلتسن فى ظل غياب تام للشفافية فى عقد الاتفاقات والإفصاح عن شروطها.
وما يحتاج إليه الاقتصاد الروسى هو توقف معظم أعضاء نخبة رجال الأعمال عن سلوكهم المشين بالخضوع لرغبات الحاكم مقابل الاستفادة من برامج الخصخصة وفقاً لقواعد اللعبة حالياً.
وبخلاف البيع بثمن بخس، فإن أصول الدولة لا تذهب إلا إلى أفراد معينين طالما أنهم سيلتزمون بالقواعد المتعارف عليها وإلا فأنهم سيحرمون ليس فقط من تملك أصول الدولة، بل وربما من حرياتهم أيضاً.