ضعف سعر الفائدة والركود العالمى والطفرة التكنولوجيا أهم الصعاب
144 مليار دولار صفقات اندماج واستحواذ العام الماضى
5 % توقعات نمو السوق فى 2017
نظر البعض بقلق الى تاثير الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى على قطاع التأمين العالمى خصوصا أن لندن تعد المركز الأهم دوليا غير أن هذا الخروج هى مجرد إضافة الى قائمة طويلة من المخاطر التى تهدد الشركات.
ويعتبر المصدر الرئيسى للمخاطر هو صعوبة الإجابة عن تساؤلات ناشئة عن تطور الاعمال والعلاقات فيما بينها مثل تقوم الشركات بالأعمال، وكيف تكسب المال وكيف ستبدو التعاملات خلال 10 أو 20 أو 30 عاما مقبلة.
ويشير تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز إلى أن هذه التحديات تقع على نطاق واسع فى مجالين. الأول هو البيئة التى تعمل فيها شركات التأمين فى ظل الاقتصاد العالمى الذى لا يزال يكافح للوصول للتعافى تماما منذ الأزمة المالية لعام 2008. وينعكس مباشرة على قطاع التأمين انخفاض النمو فى معظم الاقتصادات المتقدمة، وهو أمر مرشح للاستمرار لفترة اطويل وأعمق بسبب الاضطراب فى اوروبا الناجم تصويت البريطانيين لصالح مغادرة التكتل الأوروبى.
ومن قوانين سوق التأمين الراسخة أن التأمينات على الممتلكات وضد الإصابات تنمو عادة مع نمو الناتج المحلى الإجمالى بحسب ما يقول جون هوكينج، المحلل فى مورجان ستانلى مضيفا أن أى زيادة فى العائدات ستكون فى الغالب نتيجة لارتفاع الأسعار بدلا من حجم التعاقدات.
وفى ظل هذه الاجواء يصبح التسعير صعبا ولا سيما فى مجال التأمين التجارى وإعادة التأمين. وهبطت معدلات الفائدة لسنوات، وذلك يعود جزئيا الى الانخفاض النسبى فى عدد الكوارث الكبرى، التى تدفع عادة ارتفاع الأسعار بالاضافة الى ضخ مزيد من رأس المال الجديد فى القطاع مما زاد من قدرة سوق التامين على الاستيعاب (زيادة المعروض من عقود التأمين).
فى المقابل يعتبر الوضع أفضل قليلا لشركات التأمين على الحياة، لكنه هيكليا يواجه تحديات أكثر، فمعظم المنتجات هى منتجات ادخار، وكثير منها مرتبطة بأسعار الفائدة الأساسية فعند معدلات فائدة منخفضة يكون من الصعب خلق منتجات جذابة إما للمساهمين أو للعملاء وهذا هو الاتجاه المتوقع ان يسود خلال الأعوام المقبلة.
وردا على تلك التحديات تبحث شركات التأمين عن طريقين للنمو. الأول هو الأسواق الناشئة فقد ذكرت وكالة التصنيف الائتمانى موديز أن تأمينات الممتلكات والحوادث يجب أن تنمو بأكثر من 5% خلال العام المقبل تقريبا بالمقارنة مع 1-2% فى أوروبا و 2-3% فى دول أمريكا الشمالية.
وقال هوكينج: إن هناك نموا هيكليا فى الأسواق الناشئة، لكن الوصول إليها مكلف وليس هناك وفرة فى الأصول للشراء فى الوقت نفسه لم يمنع ذلك العديد من شركات التأمين الكبيرة من بناء عمليات فى مناطق جديدة. وقد استثمرت شركات أكسا وبرودينيشال ومانولايف بشكل كبير فى آسيا على سبيل المثال.
بيد أن المشكلة حاليا فى ان العديد منهم يواجه أزمة أن النمو ليس بالقوة المطولبة حتى فى الأسواق الناشئة على عكس توقعات شركات التأمين قبل بضع سنوات
ووضعت شركة أكسا خطة للنمو فى الفترة من 2011-2015 تهدف لتحقيق نمو سريع فى الأسواق الناشئة، لكنها فشلت فى تحقيق أهدافها.
وسلكت شركات التأمين طريقا آخر فى محاولة العثور على النمو وهو شراء النمو! فقد كان العام الماضى حافلا بنشاط الاندماج والاستحواذ فى القطاع بأكثر من 700 صفقة بقيمة تجاوزت 114 مليار دولار وفقا لبيانات ديلوجيك تضمنت صفقات كبرى مثل استحواذ شركة «ايس» على شركة «تشب»، واستحواذ شركة «طوكيو مارين» على شركة «اتش سى سى».
اوضح سيمون هاريس رئيس التأمين فى وكالة موديز أن هناك الكثير من الشركات الصينية واليابانية التى حضرت للاستثمار فى أوروبا، مشيرا الى أن هذا الاتجاه سوف يستمر حتى ولو بمعدل متباطئة.
ويتوقع العديد من شركات التأمين ومستشاريهم أن تتواصل موجة عمليات الاندماج والاستحواذ هذا العام، على الرغم من أن هاريس يحذر من أن ذلك قد لا يكون الحل الذى تامل الشركات فى أن يثبت جدواه.
وأكد هاريس أن تتحول الى شركة تأمين أكبر حجما لا يعد دائما سببا فى الخلاص من المشاكل التى تواجهها بل انه قد يكون إلهاء عن الواقع الذى يزداد سوء.
ومن الصعاب الشداد التى تواجه الشركات أيضا نتيجة انخفاض النمو الاقتصادى هى انخفاض أسعار الفائدة التى تجعل من الصعب على شركات التأمين التمتع بأنواع الأرباح التى اعتادت عليها.
والأسوأ من ذلك أن هناك بعض الشركات تكافح للعثور على أصول ذات عوائد مرتفعة بما يكفى لتتناسب الوعود التى قطعتها لعملائها فلا تجد.
للحصول على حل المشكلة يجب على شركات التأمين النظر لأبعد من مجرد شراء السندات الحكومية ذات العائد المرتفع والتى تستثمر فيها بشكل تقليدى.
ويرى جاريث مى المدير التنفيذى فى ارنيست آند يانج ان حاجة إلى توسيع نطاق الأصول حول العالم وخلق مزيج من هذه الأصول على غرار تحركهم فى السوق الامريكية حيث تركز استثماراتهم على البنية التحتية والعقارات.
ومع ذلك فقد تعقد اها النمط من الاستثمار فى الأصول البديلة فى أوروبا بسبب بدء تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبى الجديدة الخاصة «بالملاءة الثانية» حيث يتم فرض رسوم رأسمالية أعلى على بعض أنواع الاستثمار. ويمكن الاستثمار فى الأصول الآمنة مثل السندات السيادية لا تحمل أى رسوم على رأس المال ولكنها تنتج عوائد منخفضة جدا. وقد تكون الأصول ذات العوائد المرتفعة باهظة التكلفة. لذا فإن المنافسة تنمو باتجاه شراء الأصول مثل ديون البنية التحتية التى تجمع بين عوائد مجزية نسبيا مع رسوم منخفضة على رأس المال.
تبدو المهمة شاقة فى مواجهة هذه الصعاب، لكنها ربما تكون أسهل فى التعامل بالنسبة لمجموعة أخرى من التحديات التى تقع على نطاق واسع تحت عنوان «التكنولوجيا».
ويشدد هيكنج على أن التكنولوجيا أمر أساسى لهذا القطاع رغم أنه كان قطاع بطيئا جدا فى احتضان العصر الرقمى وبدات استخدام تكنولوجيا المعلومات بين فترتى السبيعينيات والثمانينيات لكنه احتاجت الى بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات معقدة للغاية وتغير هذا النمط حاليا ليس بالأمر اليسير.
فعلى المدى القصير، فإن التهديد التكنولوجيا قد يأتى من مجموعة الشركات الناشئة المتزايدة التى تستهدف أجزاء معينة من القطاع.
ولكن على المدى الطويل يبدو أن التهديد أعمق فعلى جانب تامين الممتلكات والحوادث هناك تغيير جوهرى فى نموذج الأعمال القادم.
ويعد استخدام تحليل البيانات لتحديد سعر المنتجات أمرا مهما أثبت فاعليته مثله مثل الأساليب الاكتوارية القديمة عند ظهورها.
ومع انتشار إنترنت الأشياء (الأشياء التى يتم التحكم فيها عن بعد عبر الشبكة العنكبوتية) هناك أيضا فرصة للتخفيف من المخاطر الحقيقية. وهناك فرصة لشركات التأمين الأكبر، لكن تراجع المخاطر يعطى فرصة لانكماش القطاع والذى قد يواجه خسائر ضخمة.