عندما ظهر مصطلح دول «مينت» الذى يشير إلى المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا لأول مرة فى عام 2014، بدا الاختصار وكأنه وسيلة ذكية لجذب رأس المال الدولى، وأطلق عليها البعض عمالقة الاقتصاد الجدد.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن عمالقة الاقتصاد العالمى الجدد يشتركون فى كثير من الخصائص مثل النمو الاقتصادى السريع وزيادة أعداد السكان وتوسع الطبقات المتوسطة الناشئة.
ولكن يشير المتشككون إلى وجود فوارق كبيرة بين دول «مينت» حيث يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى حوالى 10 آلاف دولار فى المكسيك وتركيا العام الجارى وفقًا للبنك الدولى، أى أكثر بكثير من إندونيسيا ونيجيريا التى لا يتعدى نصيب الفرد فيها 4 آلاف دولار.
ومع ذلك فإن الفكرة الأساسية بأن هذه الدول بمثابة أسواق كبيرة تملك إمكانات مثيرة كانت حقيقية على نطاق واسع منذ عامين.
لكن يبدو العام الجاى أن دول «مينت» أصبحت أقل إغراءً، وبرزت المشكلات أكثر من الفرص، فالمكسيك وإندونيسيا ونيجيريا منتجون كبار للبترول ولكن فى عصر انخفاض الأسعار.
وأصبحت أخبار العنف السياسى وعدم الاستقرار فى هذه البلدان تتصدر عناوين الصحف، فعلى سبيل المثال، تواجه نيجيريا وتركيا وإندونيسيا هجمات ارهابية متكررة، بينما تعانى المكسيك من أعمال عنف متصلة بالمخدرات، كما تتعرض القيادة السياسية فى هذه الدول للانتقادات.
ومع ذلك هناك فرق مهم فى حجم المشكلات التى تواجهها كل دولة فقد صدم الإندونيسيون فى بداية العام الجارى بهجمات لتنظيم «داعش» فى العاصمة جاكرتا، أودت بحياة ثمانية أشخاص بينهم أربعة من المهاجمين المشتبه بهم لكن تركيا، التى تعانى من آثار الحرب الأهلية السورية لديها مشكلة أكثر خطورة من الإرهاب.
فمنذ يونيو 2015 كان هناك 15 هجمة مسلحة فى جميع أنحاء تركيا من قبل تنظيم «داعش» والجماعات الكردية والتى أسفرت عن مقتل ما يزيد على 330 شخصًا وضربت بعض المواقع البارزة مثل الهجوم على مطار اسطنبول يونيو الماضى.
وفى نيجيريا يعتقد أن جماعة «بوكو حرام» قد أودت بحياة أكثر من 400 شخص منذ مطلع العام الجارى بالاضافة إلى معاناة ما يقرب من 250 ألف طفل من سوء التغذية فى المناطق التى عطّلت بها الجماعات المسحلة حركة التجارة.
وفى الوقت نفسه ارتفع معدل جرائم القتل نتيجة صراع المخدرات فى المكسيك منذ مطلع 2016 ويقدر عدد ضحايا هذا الصراع بأكثر من 50 شخص يوميًا.
وأدت هذه الإحصاءات إلى تآكل مكانة الرئيس، إنريكه بينيا نييتو، الذى نفذ إصلاحات مهمة فى قطاعات الكهرباء والبترول حيث تراجعت شعبيته إلى مستويات قياسية.
وتم أيضًا انتقاد رئيسى إندونيسيا ونيجيريا حيث أفاد النقاد بوجود بعض أوجه الشبه بين رئيس إندوينسيا جوكو ويدودو، ومحمد بوهارى، رئيس نيجيريا.
وأوضح النقاد أن كل واحد منهما وصل إلى السلطة بسمعة نظيفة فى بلدان فاسدة وقد احتفظ كلاهما بهذا الوصف ولكن تم اتهامهما أيضاً بأنهما رئيسان متوسطا الأداء إضافة إلى تردى اصلاحاتهما الاقتصادية.
وكان رجب طيب أردوغان، هو الرئيس الوحيد فى هذه المجموعة الذى اختلف عن الجميع حيث بدا وكأنه الزعيم الأكثر عرضة للخطر.
وتضررت صناعة السياحة الحيوية إلى حد كبير فى تركيا بسبب الإرهاب وتدهور العلاقات مع روسيا.
وعلى النقيض من ذلك، فإن السياحة فى إندوينسيا والمكسيك لم تتضرر بمشاكل الدولة مع الجهاديين والعنف المرتبط بالمخدرات حيث تحدث الهجمات إلى حد كبير بعيداً عن المناطق السياحية.
وعانت نيجيريا بشكل كبير من التقلبات فى أسواق الطاقة العالمية فى السنوات الأخيرة حيث شكلت عائدات البترول أكثر من 70% من دخل الحكومة.
وعلى النقيض من ذلك سعت المكسيك لتنويع اقتصادها، وأصبحت عائدات البترول تشكل حوالى 20% من إيرادات الحكومة المركزية.
ودفعت مشكلات العملة فى نيجيريا إلى حدوث ارتفاع حاد فى أسعار المواد الغذائية وسخط سياسى متنام حيث سجلت البلاد فى 2016 أول ركود منذ 25 عاماً.
ويبدو الوضع الاقتصادى لباقى دول «مينت» أكثر أمناً، ومن المتوقع أن تكون معدلات النمو إيجابية فى إندونيسيا بنسبة تبلغ 5% بينما ستصل نسبة النمو فى تركيا إلى حوالى 3.4% مع نسبة نمو أقل فى المكسيك بمعدل 2% فقط.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن هذه النسب المختلفة من النمو لا تزال تثير شهية المستثمرين الذين يبحثون عن الأرباح فى عالم النمو المنخفض.