مستويات الاقتراض فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تعاود الارتفاع
تعيش أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فى خطر الغرق مرة أخرى فى مستوى المديونية التى دفعت الغرب إلى شطب عشرات المليارات من الدولارات من قيمة الاقتراض فى وقت سابق من القرن الحالي.
وأوضحت بيانات وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، أن بين عامى 2000 و2011 تراجعت نسبة متوسط الدين الحكومى العام إلى إجمالى الناتج المحلى فى 18 دولة رائدة جنوب الصحراء الكبرى من 80% إلى 30%، بفضل موجة الإعفاء من الديون وإعادة الهيكلة فى إطار مبادرة صندوق النقد والبنك الدوليين «البلدان الفقيرة المثقلة بالديون».
وكشفت البيانات، أن إثيوبيا والكاميرون وأنجولا وساحل العاج أعفيت من 20 مليار دولار من أصل ديونها.
ونتيجة ذلك، فإن متوسط تكلفة خدمة الدين فى 18 دولة تراجعت من 14.4% من الإيرادات الحكومية فى عام 2001 إلى 4.8% عام 2011.
ومع ذلك فإن موجة جديدة من الاقتراض من الدول الواقعة جنوب الصحراء العام الجاري، تخطى متوسط نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى 50% للمرة الأولى منذ عام 2005، ومن المرجح أن يصل 51.4% العام الجاري، و53.3% فى 2017 بـ18 دولة تخضع لتصنيف مؤسسة «فيتش».
وارتفعت تكاليف خدمة الديون أيضاً بشكل حاد رغم الطبيعة الميسرة لما يقرب من ثلثى الإقراض الجديد، وحقبة من أسعار الفائدة العالمية المنخفضة.
وتوقعت «فيتش»، أن تصل تكاليف خدمة الديون إلى 9.1% من الإيرادات الحكومية العام الجاري، لتسجل أعلى مستوى منذ عام 2004، و9.9% فى عام 2017.
وأشار يان فريدريش، أحد كبار المديرين فى وكالة التصنيف الائتماني، إلى أن الأمر بحاجة إلى الحذر من نسب الدين فى الوقت الراهن، فى ظل عدم الاتجاه الواضح للاستقرار.
وقالت إيفون مهانجو، الاقتصادية فى «رينيسانس كابيتال»، إن العديد من البلدان الأفريقية ينبغى عليها البحث عن حلول للأزمة الناجمة عن انخفاض أسعار السلع الأساسية فى وقت يتعاملون مع زيادة رصيد الدين.
وأضافت أن العديد من البلدان تأخرت فى ضبط أوضاع ماليتها العامة فى الوقت الذى ينبغى أن يحظى فيه الأمر بأولوية كبيرة.
وأوضح «فريدريش»، أن اثنين من العوامل كانا وراء ارتفاع مستويات الديون الأفريقية، أولهما هبوط أسعار السلع، وهو الأمر الذى أدى إلى تراجع حاد فى الإيرادات الضريبية بين المصدرين، وثانيهما اعتماد بعض الدول على الاستثمار فى البنية التحتية لدعم النمو الاقتصادي.
وفى سبتمبر الماضى، باعت غانا سندات خارجية بقيمة 750 مليون دولار، وجزء من هذه الأموال وُجِه لتمويل المشاريع الرأسمالية رغم ارتفاع تكلفة نسبة خدمة الدين الحكومى إلى الإيرادات بنحو27.7%، وهو بالفعل واحد من أعلى المعدلات بين 18 دولة واقعة جنوب الصحراء الكبرى تخضع لتصنيف «فيتش».
وسوف يتجاوز الإنفاق الرأسمالى للحكومة المركزية 10% من الناتج المحلى الإجمالى العام الجارى فى بعض الدول، مثل رواندا وأوغندا وليسوتو وموزمبيق وإثيوبيا.
ورغم أن الاستثمار فى البنية التحتية الممول بالديون سوف يساعد على النمو فى المدى الطويل، فقد أوضح «فريدريش»، أن فوائده قد لا تتحقق بشكل كامل حتى تتحسن بيئة الإدارة والأعمال التجارية.
ونتيجة ذلك، سوف يكون تأثير نسب الديون السيادية سلبياً على المدى القريب.
وأضاف أن هذه الدول ينبغى أن تعمل على إنشاء أفضل الطرق والجسور والمدارس وجميع أنواع البنية التحتية. ولكن المشكلة تكمن فى أن العائد على هذه الاستثمارات من حيث نمو الناتج المحلى الإجمالى ليس قوياً بما فيه الكفاية لتحقيق الاستقرار فى نسبة الدين، وفى بلدان أخرى، مثل غانا تكمن المشكلة بالإفراط فى استخدام الدين لتمويل الوظائف الحكومية.
ولفت إلى أن تكاليف خدمة الديون المرتفعة التى تمثل بالفعل ما يزيد على 10% من إيرادات الحكومة المركزية فى نيجيريا وزامبيا وكينيا وأوغندا وجنوب أفريقيا والجابون وغانا، من المرجح أن تضيف مزيداً من المشكلات.
وأفاد «فريدريش»، بأن ارتفاع تكاليف خدمة الديون يعد عقبة أمام الاندماج المالى بين دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وسوف تؤدى مستويات العجز الحالية أو الأكبر من ذلك إلى المزيد من الارتفاع فى الدين العام.