فى عام 1982، أنشأت الصين وزارة لتصنيع الإلكترونيات. فى عام 1985، كانت صادرات الصين من هذا القطاع «صفر». كم أصبحت فى عام 2014؟ اختر إجابة من ثلاث:
– 100 مليار دولار سنوياً
– 200 مليار دولار سنوياً
– 595 مليار دولار سنوياً
وفقاً لتقرير منظمة التجارة العالمية لعام 2015، أصبحت صادرات الصين لعام 2014 من قطاع الإلكترونيات 595 مليار دولار (أو 30 ضعفاً تقريباً إجمالى صادرات مصر). وبالطبع أصبحت الدولة الأولى عالمياً فى هذا القطاع، تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية فى المركز الثانى بـ145 مليار دولار سنوياً، وبعد ذلك كوريا بـ109 مليارات دولار ثم ألمانيا واليابان وماليزيا ودول أخرى.
كيف حدث هذا؟ وكيف يمكن لمصر أن تستفيد من هذه التجربة؟
حددت الدولة أولوياتها، وأن هذا القطاع حيوى. وضعت له وزارة متخصصة. وضعت هذه الوزارة مجموعة من البرامج منها:
– برنامج لجذب الشركات العملاقة العالمية بهدف توجيه 70% من الإنتاج للتصدير.
– وبرنامج آخر لتمويل الشركات الصينية الصغيرة والمتوسطة لتنمية شركات صينية صغيرة وقتها وأصبحت الآن شركات عالمية كبرى national champions program.
– وبرامج لدعم مالى لتشجيع الابتكار research and development.
– وبرامج لتشجيع التمركز (clustering) فى مكان واحد؛ لكى تتواجد جميع الصناعات المغذية فى نفس المنطقة الصناعية، فيقل الوقت فى نقل المادة الخام ويقل السعر.
إلى جانب ذلك، أعطت الدولة دعم صادرات موجهاً لصناعة الإلكترونيات اقترب من الـ20% من ثمن المنتج النهائى، فكان المستهلك المصرى يستغرب من قلة سعر المنتج الصينى، ولا يدرى أن الحكومة الصينية كانت تقف بجانب المصنع؛ لكى يستطيع أن يبيع بسعر قليل جداً، يستطيع أن يدخل به الأسواق، ويقنع المستهلك بتجربته، وبعد ذلك عندما زادت المبيعات قللت الحكومة الصينية من دعمها تدريجياً.
فتنمية الصناعة مثل تربية الطفل. لا بد من مساعدته وتوجيهه فى الأول لكى يستطيع بعد ذلك أن يقف على رجليه ويحقق النجاح.
ماذا كانت النتيجة؟ نمت صادرات الإلكترونيات الصينية وفقاً لمنظمة التجارة العالمية من صفر عام 1985 إلى 3 مليارات دولار عام 1990 إلى 43 مليار دولار عام 2000 إلى 171 مليار دولار عام 2004 إلى 346 مليار دولار عام 2009 إلى 595 مليار دولار عام 2014.
مصر تصدر الآن حوالى 2 مليار دولار من صادرات الإلكترونيات، معظمها من شركة سامسونج. علينا أن نضع خطة لزيادة هذا الرقم إلى 10 مليارات دولار عام 2020 وإلى 50 مليار دولار عام 2030 (ماليزيا تصدر 66 مليار دولار سنوياً من ذلك القطاع). لا بد أن نعتبر هذا القطاع قطاعاً استراتيجياً لتنمية الاقتصاد المصرى، وأن نضع فرق عمل من أحسن الكفاءات للتنفيذ، وأن نعمل على جذب الشركات العالمية الكبرى للتصنيع فى مصر. فشركة فوكسكون Foxconn تصدر بـ60 مليار دولار من الصين. إذا أقنعنا هذه الشركة بالاستثمار فى مصر. كم ممكن أن تحقق؟ وشركة سامسونج تصدر 31 مليار دولار من فيتنام، بعد أن كان هذا الرقم «صفر» عام 2008.
السؤال هو: كيف يمكن أن نقنع تلك الشركات بالاستثمار فى مصر؟ والإجابة هى عن طريق معرفة المميزات التى تعطيها الصين وفيتنام والعمل على إعطاء الشركات أكثر مما تعطيه الدول المنافسة. هل عندنا ميزة تنافسية فى هذا القطاع؟ نعم. الميزة التنافسية قليلة الآن، ولكنها مع الوقت ستتزايد بتواجد الشركات المغذية وإلا كيف نجحت الصين من صفر؟ وهل كانت كوريا الجنوبية عندها ميزة تنافسية؟ وما الميزة التنافسية التى جعلت ماليزيا تصل إلى 66 مليار دولار صادرات من هذا القطاع؟ نعم نستطيع أن ننجح.
ولكن علينا بالعمل الجاد بالورقة والقلم.