1.5 مليار نسمة فى الصين والهند.. ومصر تتخطى 100 مليون بعدهما بسنوات
أصبحت الطبقة الوسطى تمثل فئة المستهلكين الأساسية، حيث تقود نمو اقتصادات البلدان التى احتضنت الثورة الصناعية، وهو ما أسفر عن عصر التنمية الجماعية التى اجتاحت العالم الغربى فى القرن العشرين، وتنتشر الآن نفس الحالة فى الاقتصادات الناشئة، خصوصاً فى آسيا وأمريكا اللاتينية.
واليوم يعد انتشار الطبقة المتوسطة فى جميع أنحاء العالم واحداً من القوى الأساسية للحفاظ على الاقتصاد العالمي، ففى عام 2015 حققت الطبقة الوسطى العالمية البالغة نحو 3 مليارات نسمة إنفاقاً بلغ 33 تريليون دولار لتسجل ثلثى الإنفاق الاستهلاكى فى العالم.
ويتركز النقاش، حالياً، فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وغيرها من الدول المتقدمة بشأن الطبقة الوسطى حول قضايا المساواة، والتنقل، والسياسات التى يمكن أن تعزز المزيد من النمو ووقف الركود.
لكن النقاش يأخذ فى بقية العالم إطاراً مختلفاً، فلا تزال دول أخرى تركز على النمو للخروج من الفقر أو تجاوز فئة «الناشئة» لتصبح متقدمة وفى القلب من كل ذلك تأتى جهود الطبقة الوسطى المركزية.
لكن ما هو مستقبل الطبقة الوسطى العالمية إذا ما سعت بعض الدول للتوسع بينما يعانى غيرها الانكماش؟ ما هى الفائدة التى لا تجلبها مثل هذه الطبقة المتوسطة للاقتصاد العالمي؟ ما الاعتبارات البيئية والاجتماعية والسياسية الموجودة؟ كيف يتوازن هذا النمو مع الحاجة إلى مكافحة التغير المناخى؟ وكيف تدار التغيرات الاجتماعية والسياسية التى ستنجم عن أجيال أكثر تعليماً، وسكان أكثر ثراءً؟ من المؤكد أن طريقة الرد على هذه الأسئلة ستحدد صحة الكوكب والأمن المالى للمليارات من الناس.
على مدى العقد الماضي، بلغ متوسط نمو إنفاق الطبقة المتوسطة فى البلدان المتقدمة نسبة 0.4% سنوياً، فى حين بلغ فى الاقتصادات النامية 8% سنوياً. وقد انطلقت الطبقة الوسطى حقاً ليصبح عددها 2 مليار شخص فى البلدان النامية، ويعتبر مستوى معيشة الطبقة الوسطى الآن طبيعياً.
ويعيش 25% من الطبقة الوسطى العالمية، اليوم، فى الدول المتقدمة، ويعيش 40% فى البرازيل، وروسيا، والهند، والصين والمعروفة بدول البريك، بينما يعيش الباقون فى دول نامية أخرى؛ حيث تعكس هذه الإحصاءات ظاهرة النمو الاقتصادى فى البلدان النامية خلال فترة التباطؤ فى الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة واليابان وأوروبا.
وإذا صدقت توقعات صندوق النقد الدولى فسيكون هناك 1.5 مليار شخص من الطبقة المتوسطة فى الصين والهند وحدهما بحلول عام 2020. لكن القصة لا تقتصر فقط على هاتين العملاقتين فبحلول عام 2020 فان كلاً من البرازيل، والمكسيك، وباكستان، وإندونيسيا، سيكون تعداد الطبقة الوسطى فيها فوق الـ100 مليون نسمة، وبعدها بسنوات قليلة، ستلحق بها مصر ونيجيريا وفيتنام رغم فقرها الحالى، لكن النمو يسير فيها بطريقة مثيرة للإعجاب.
وارتفع الإنفاق فى الدول الناشئة والدول النامية للطبقة المتوسطة بأكثر من 10% سنوياً فى التسعينيات من القرن الماضى، و12.5% سنوياً بين عامى 2005 و2015.
وعلى الرغم من أن هناك مشاكل فى بعض الاقتصادات الناشئة، مثل التباطؤ فى الصين وتوقعات التغيرات الديموجرافية، فإن نمو إنفاق الطبقة المتوسطة فى الاقتصادات سريعة التطور يمكن أن يتجاوز 10% لمدة عشر سنوات أخرى على الأقل. وهذا بدوره سوف يدفع كثيراً التوسع الاقتصادى العالمى المتوقع.
هذه البيانات هى السبب فى تنبؤ شركة الاستشارات (ماكينزى) بأن زيادة إنفاق الدولار فى الاستهلاك فى شنجهاى أو بكين سوف يتجاوز نيويورك، أو طوكيو أو لندن.
ولوضع سرعة نمو الطبقة الوسطى العالمية، اليوم، فى منظورها الصحيح يجب النظر فى مسارها التاريخي، ففى عام 1820، بعد حروب نابليون بونابرت فى أوروبا، كان هناك ربما ما لا يزيد على 2.5 مليون شخص من أصل عدد السكان فى جميع أنحاء العالم فى الطبقة الوسطى من بين مليار نسمة.
وفى بداية القرن العشرين كانت الطبقة الوسطى العالمية حوالى 90 مليون فرد. وبحلول عام 1975 أى بعد 150 سنة من بداية نموها قفزت الطبقة الوسطى إلى مليار نسمة، قبل أن يضيف العالم مليارين إضافيين ليصبح عددهم 3 مليارات نسمة حالياً، ويمكن أن تتجاوز 4 مليارات بحلول عام 2021، ما يجعلها غالبية سكان العالم.
ولا يعنى ذلك أن التوسع فى فئة المستهلكين المركزية يضمن توفير محرك النمو الاقتصادى، فهذا لن يكون تلقائياً بل يعتمد على إدارة التحديات المتنوعة، بما فى ذلك تغير المناخ والحكم السياسي، مع إرساء سياسات عالمية يمكن أن تحافظ على النظام الدولى ليبرالياً ومفتوحاً وديناميكياً.