مستثمرون: القانون الجديد قتل الدجاجة التى تبيض ذهباً للحكومة
الكيال: المغالاة فى الرسوم أغلقت عدداً كبيراً من المحاجر
الجزار: استمرار الزيادة يضاعف أسعار الخام 10 مرات
.. الثروات المنهوبة.. المال الحرام.. ثروات مصر المهدرة.. الدجاجه التى تبيض ذهباً
كل هذه العبارات، تم إطلاقها على قطاع المحاجر خلال السنوات الماضية، الأمر الذى دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى للإشارة فى إحدى مؤتمراته عام 2014 إلى إعلان تعديل قانون الثروة المعدنية لضبط عمل القطاع وزيادة العائد الاقتصادى، وبالفعل أجرت الحكومة ممثلة فى عدد من الوزارات والهيئات منها وزارة البترول ووزارة التنمية المحلية، تعديلات موسعة على القانون ولائحته التنفيذية فى أقل من عام، وتم إقرار مشروع التعديلات فى صورتها الأولية نهاية عام 2015، لكن الصناع يعترضون على عدد من البنود فى التعديل المقترح، منها مضاعفة القيمة الايجارية لأراضى المحاجر، وربط الإتاوة المستحقة بالإنتاج الفعلى لها سنويًا.
وتواصلت «البورصة» مع عدد من مستثمرى المحاجر بعد نشر المسوده النهائية للتعديلات على القانون نهاية سبتمبر الماضى، والمقرر مناقشتها فى أول اجتماع وزارى تمهيداً لإصدار الموافقة النهائية عليها، والهدف من تعديل القانون، تعظيم القيمة المضافة وزيادة العائدات المالية للدولة من ثرواتها المعدنية عبر تعديل رسوم الإيجارات والإتاوات على الخامات التعدينية السارية منذ 1956 وبما يتناسب مع الأسعار العالمية.
قال محمد الكيال رئيس شركة الكيال للمحاجر، إن اللائحة التى صدرت مؤخراً أدت إلى توقف كبير من المحاجر، نظراً للمغالاة فى الرسوم والإتاوات التى تم فرضها بجانب ارتفاع أسعار مستلزمات التشغيل والإنتاج منها السولار والمعدات والآلات فى نتيجة ارتفاع اسعار الدولار، ونصت اللائحة التنفيذية للقانون الحالى، على زيادة القيمة الإيجارية والإتاوة السنوية بنسبة %740 للرخام، و%670 للزلط، و%300 للرمل الزجاجى، و%747 للجرانيت، و%360 للجبس، و%227 للطفلة.
وأشار إلى أن قطاع المحاجر له ظروف خاصة وتختلف طبيعة عمله عن القطاعات الأخرى( الزراعية والصناعية والسياحية)، إذ إنه لايقتصر على منطقة معينة بجانب الحاجة المستمرة لوجود عمالة كثيفة ، فى حين أن انتاجية المحجر غير مضمونة، لأن الخامة المستخرجة ربما تكون غير صالحة، الأمر الذى قد يكلف المستثمر خسائر تؤدى إلى توقفه.
أضاف الكيال، لـ»البورصة»، أن قطاع المحاجر يفتقر إلى الحوافز والخدمات التى تقدم للقطاعات الأخرى ومنها المياه والكهرباء، والوقود، والخدمات اللوجستية، إضافة إلى رعاية صحية واجتماعية للعاملين فيه، واستبعد أن يكون القطاع مستنزفا لثروات الدولة، كما يدعى البعض، وقال: «المستثمرون لا يخالفون القانون، فهم يستوفون جميع إجراءات العمل ويحصلون على الموافقات الأمنية، ويستخرجون التراخيص ويسددون جميع الرسوم.. وإذا كان هناك مخالفين، فهل يعقل أن نعاقب القطاع بأكمله ونذبحه؟».
وتابع: «الاستثمار فى القطاع يحتاج إلى معدات وآلات بملايين الجنيهات، ويستحيل أن يدفن المستثمر هذه الأموال فى الرمال حتى يتهرب من دفع رسوم أو إنهاء أى إجراءات بمبالغ لا تقارن بحجم الاستثمارت التى يضخها».
قال الكيال، إن إنتاجية المحاجر تراجعت %50 خلال الفترة الماضية، نتيجة إحجام المستثمرين عن العمل وعن التجديد وفقاً لبنود قانون الثروة المعدنية الحالية.
وأضاف أن تراجع الإنتاج لم يؤثر على المعروض فى السوق، خصوصاً مع تراجع الصادرات المصرية من الرخام، لكن إذا حدث رواجاً فى الصادرات ستحدث أزمة كبيرة، لأن المعروض سيكون قليلاً وستضطر الدولة إلى فتح باب الاستيراد.
أكد الكيال أن المحاجر التى لم تنتهِ رخصتها تعمل كما هى، ولكن الأيام المقبلة ستشهد تخارج عدد كبير من المستثمرين إذا تمت الموافقة على التعديلات النهائية للقانون.
وأضاف أن الحكومة إذا دعمت القطاع عبر إعطائه حوافز تمكنه من اختراق الأسواق التصديرية، فإنه يمكن حينها أن يقبل ويتفاوض بشأن هذه الرسوم، وإلا فإن مصر ستستورد جميع احتياجاتها من الرمال والزلط والأسمنت والرخام والجرانيت.
وقال إسماعيل الجزار أحد مستثمرى محاجر المنيا، إن إصرار الحكومة على تطبيق الزيادة الأخيرة سيخرج عدداً كبيراً من المستثمرين من القطاع.. الأمر الذى سيتسبب فى رفع اسعار المواد الخام خصوصا بلوكات (الرخام والجرانيت) بـ10 أضعاف السعر الحالى.
واستشهد بأحد اصحاب المحاجر الذى كان يدفع نحو 40 ألف جنيه إيجارا للمحجر.. وبعد تطبيق قرار الزيادة فى التعديلات الجديدة وصلت القيمة الإيجارية لحوالى 3 ملايين جنيه.
وأضاف الجزار، أن توحيد جهة التعامل فى جهة واحدة وهى هيئة الثروة المعدنية، يعتبر أبرز مزايا التعديلات، لأن تعدد الجهات يعرقل عمل أى نشاط استثمارى ويوسع دائرة الفساد، فى حين أن التعديلات لا تسمح بتقييده بمساحة معينة لمنحه الترخيص.
وتضمنت التعديلات الجديدة إنشاء هيئة مختصة تتولى إصدار التراخيص للمناجم والمحاجر، إضافة إلى منح التراخيص للمناطق دون التقيد بمساحة معينة بعد أن كانت محددة بنحو 16 كيلو متراً مربعاً، إضافة إلى الموافقه على تجدد التراخيص لمدد مماثلة بعد أن كانت تجدد لمدة واحدة.
وانتقد الجزار، ربط وزارة التنمية المحلية، الإتاوة المستحقة على المحاجر بالإنتاج الفعلى لها، واصفاً ذلك بأنه يعد انتهاكاً للقانون الجديد ولائحته التنفيذية الذى يقضى بحظر فرض أى رسوم على منشآت المناجم والمحاجر خارج نطاق القانون واللائحة التنفيذية، وأبرمت وزارة التنمية المحلية، بروتوكول تعاون مع احدى الجهات، لعمل رفع مساحى كل 3 شهور ( 4 مرات سنوياً) بتكلفة 4 آلاف جنيه يدفعها صاحب الترخيص عن كل محجر مساحته 5 آلاف أو 10 آلاف متر، والمادة الخام التى يتم انتاجها ليست كلها صالحة للاستخدام، فهناك بعض البلوكات بها عيوب، وتعتبر «هالك» ولا يمكن ادخالها فى الصناعة، وبالتالى لايمكن احتسابها ضمن المسح الذى تنفذه وحدة المساحة.
قال الجزار، إن القطاع ليس فى حاجة إلى زيادة قيمة الإتاوات، والسير فى هذا الاتجاه سيتسبب فى خسائر كبيرة للمستثمر، وهو ما يدفعه إلى تصفية نشاطه وتسريح العمالة، معتبراً أن الطريقة المثلى لتقدير الإتاوة يكون على الوزن الفعلى للكتل.
واعترض على الحد الأقصى للإنتاج السنوى للخامات الذى يستغلها عند %5 ولا تزيد على %20 من قيمة الإنتاج السنوى للخام الذى يستغله وطبقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية بالنسبة لكل خام، وطالب الجزار بمد فترة التعاقد إلى 4 سنوات بدلاً من سنة حاليًا، وذلك للاستفادة من المحجر، معتبراً أن تحديد المدة عند سنة غير كاف لعمل قيمة مضافة على المنتجات.
وقال محمد العباسى، مستثمر بقطاع المحاجر، إن انتاجية المحاجر تراجعت إلى نحو %40 منذ صدور القانون ولائحته التنفيذية نهاية 2016، بسبب الرسوم التى فرضها القانون الحالى على المستثمرين وهو ما أدى إلى تفكير عدد كبير من المستثمرين فى وقف أنشطتهم والبحث عن بدائل أخرى.
واضاف لـ «البورصة»، أن القوانين لا توضع لتحصيل أموال فقط، لكنها توضع لرفع الكفاءة أو تنظيم قطاع معين. وفى حالة نجاح القانون وتحسن أوضاع القطاع، يحق للدولة أن تتدخل وتفرض الرسوم تدريجيًا.
وأشار إلى أن المطلع فى التعديلات الجديدة على القانون الحالى ولائحته التنفيذية، سيجد أنه ضاعف جميع الرسوم التى يدفعها المستثمر مع استحداث رسومًا أخرى، متسائلاً:» ليه يدفع المستثمر كارتة طريق ورسوم ميزان على كل سيارة حاملة لأى خام أو معدة بما لا يقل عن عدة آلاف من الجنيهات»، ولفت إلى أن توقيت فرض الرسوم على هذا القطاع غير محسوبة، معتبراً أنه أساس خطة التنمية والإصلاح الاقتصادى التى تنفذ حاليًا ومنها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات الإسكان الاجتماعى.
وقال عماد أبو عادية، مستثمر بالقطاع، إن القطاع يتعرض لمشكلات كبيرة منذ صدور اللائحة الأخيرة، نظراً لزيادة الرسوم على المحجر الواحد إلى نحو 250 ألف جنيه بجانب تأمينات تصل إلى 50 ألف جنيه.
وأشار إلى أن المستثمرين لم يشاركوا فى إعداد مشروع القانون ليضعوا مقترحاتهم حوله، ولم يتم وضع القطاع فى الحسبان، ولذلك فهو يعانى حالياً من عدم القدرة على الاستمرار فى ظل زيادة الاسعار.
أكد عادية، أن المستثمرين لا يرفضون دفع الرسوم التى أقرها القانون، ولكنهم يطلبون تخفيفها حتى لا يتجه إلى إغلاق أنشطتهم بسبب الضعوط التى تمارس عليهم من جميع الجهات بالدولة.
